لكل السوريين

كيف نتأكد من أن القطعة الأثرية أصيلة أو مزيفة؟

إعداد/ الباحث محمد عزو

في نهاية ثمانينات القرن العشرين كنا ننقب في إحدى محافظات الشرق السوري حدث أنَّ معاونة مدير البعثة الأجنبية عثرت على لقية أثرية أثناء عملية التنقيب الأثري اعتقدت أنها أثرية، فقال مدير البعثة أننا أخطأنا في تقديرنا لإمكاناتها الأثرية والفنية.

في بلادنا مثل هذا الخطأ حدث ولا حرج، فللتفرقة بين ما هو أصلي وما هو مزيف هناك خطوات وطرق لابد من الاعتماد عليها في مقدمة هذه الخطوات المعاينة البصرية المبدئية، ومثل هذه المعاينة قد تغني عن حاجة الآثاري في اللجوء إلى التحاليل المخبرية أو إلى التقنيات العلمية، فالمعاينة البصرية تزود عالم الآثار بمعلومات عن نوعية الأثر وحالته، والتغيرات التي طرأت عليه، وتساعد في التعرف على تقنية صناعة الأثر وحتى على عيوب إنتاجه، ونوع الزخرفة.

وقد يكون هناك تكفيت أو تذهيب أو تطعيم وكذلك اللون وحالته والسطح. والخبرة الناتجة عن ممارسة أعمال التنقيب الأثري عاملاً مهماً في المعاينة البصرية، فالعين الخبيرة قادرة على تمييز النسب وأخطاء الصناعة أو الزخرفة أو الرسم وأسلوبه، أو طريقة استخدام الفرشاة، والآثاري المتخصص مفترض به أن يكون ملماً بالتاريخ وعلى دراية جيدة بالنقوش والفنون الأثرية للفترة التاريخية المطلوب الكشف عنها.

والمزيفون قد يزيفون القطعة الأثرية بتغطيتها بلون آخر وبالتالي يتغير شكلها. وفي المعادن لها وزن معروف ومميز وعالي مثل الرصاص والجرانيت والبازلت. ومن المعلوم ان كل أثر ينتمي إلى مدرسة فنية معينة لها سماتها وملامحها في كل شيء ولابد أيضاً من التأكد من ملمس السطح الخارجي. ودراسة النقوش إن وجدت فهي نساعد على تمييز الأثر الأصلي من المزيف.

يلي هذه المراحل مرحلة الفحص العلمي باستخدام الأجهزة الفيزيائية، التي تتميز بقدرتها على فحص السطح الخارجي للأثر للعمل الفني والتراثي ومعرفة قدمه، مثل المجهر البصري والإلكتروني والإشعاعي والراديودرافي. وجهاز أشعة تحت الحمراء أو فوق البنفسجية وغيرها.

ومن نتائج فحوصها يمكن الاستدلاء على معلومات تغير المادة وتفاعلات التقادم. وهنا نشير أن آخر مرحلة الفحوص للتأكد من أصالة اللقية الأثرية وأصالتها هي طريقة التأريخ بواسطة الكربون المشع/14/ باستخدام المواد العضوية النباتية والحيوانية، وطريقة الوميض الحراري المستخدم في تأريخ البوتري.. الفخار.

بطريقة حساب وعد كم الإشعاع الذي استمده الفخار من تاريخ وجوده تحت التراب، وذلك لأن تعريض المادة الفخارية عند صناعتها لدرجة/1200/ درجة مئوية تكون قد فقدت كل الإشعاع الذي استمدته عبر العصور حتى نقطة الصفر؛ لذلك فإن بداية تأريخ القطعة الفخارية يبدأ من بداية وجودها تحت التربة في الأرض حتى كشفها أثناء أعمال التنقيب الأثري في الموقع.

أخيراً لابد من الإشارة إلى أن من يقوم بفحص المواد الأثرية لمعرفة مدى أثريتها وأصالتها لا بد أن يكون متخصصاً علم الآثار، وأن يكون منقباً وممارساً لمهنته في جميع فروع الآثار لبلده، وأن يكون عارفاً بتكنولوجيا المواد والصناعات الأثرية القديمة.