لكل السوريين

الارتفاع الكبير لإيجارات المنازل بطرطوس يزيد أعباء المستأجرين

طرطوس/ ا ـ ن

الوضع المعاشي والحياتي في سوريا والمحافظات الخاضعة لسيطرة دمشق يتدهور للأسوأ، ويضيق الخناق على المواطنين في عموم سورية، وفي مدن وقرى الساحل خصوصا، وتشهد أسعار إيجارات المنازل في مدينة طرطوس ارتفاعات جنونية غير مسبوقة، زيادات متواصلة دون اية ضوابط قانونية او أخلاقية، تلقي بأعبائها على كاهل أصحاب الدخل المحدود الذي لا يمتلكون مكانا للسكن.

ووصل إيجار المنزل في أحد أحياء طرطوس الى ما يقارب المليون والنصف ليرة سورية، بينما لا يتجاوز راتب الموظف الحكومي ال 165 ألفا, لقد تضاعفت هذه الأجور هذا السنة 2022 لنفس العقارات بنسبة تزيد على300 بالمئة , مقارنة بالسنة الماضية 2021, وقد بلغت الايجارات بمدينة طرطوس في الأحياء الشعبية والمخالفات أو القريبة من مركز المدينة أو المواقع الخدمية، ما بين 200 ألفا إلى 300ألف ليرة سورية شهريا.

أبو جعفر، أحد المواطنين، كان يساوم ويجادل في مكتب عقاري بالمدينة، حول اجار بيت يريد ان يحصل عليه، بعد ان شاهد المنزل المطلوب مع أحد عمال المكتب، ودخلنا على الخط وحاولنا نسمع منه ومن صاحب المكتب عن المصيبة الواقعة، وعلى الفور اجابنا السيد أبو جعفر:  أن المعيشة غالية ولا احد يرحم المواطن لا الدولة ولا التجار، اجار البيوت هنا جهنم حمرا، ودائما أصحاب المكاتب يقولون لنا ان اصحاب المنزل هيك حاطين سعر اجار البيت، تصوري ان بيت غرفتين ومنتفعاتهم وغير مفروش وطابق ثالث وبالضاحية, والعقد فقط لستة اشهر, ويريدون الاجرة250 الف ليرة شهريا، وما في امامي حل لأنه هذا الارخص, ونحاول قدر الإمكان ليكون العقد لمدة سنة على الأقل.

أما صاحب مكتب العقاري أبو يوسف، أخبرنا، انهم سماسرة ووسطاء بين أصحاب العقارات بيوت ومحلات وليس لهم اية علاقة بأرقام اجارات البيوت او المحلات، هذه الأرقام التي لا تعرف رب ولاسما، على حد قوله، ويأخذون أجرة سمسرتهم فقط، بنسبة معروفة 2,5%, ولا يوجد رقيب ولا حسيب للإيجارات، وصاحب الملك هو من يتحكم بالأرقام، وكلها مرتبطة بحركة سوق، مواطن يريد مكان يسكن فيه، وصاحب ملك يريد ان يستثمر عقاره بيت او محل، واحد يعرض بضاعته والثاني بحاجة اليها ويريدها، ولا يوجد بينهما الا نحن الوسطاء فقط.

وقال أبو ميلاد، صاحب مكتب عقاري: أن تحديد أجرة العقارات, بيت او محل، يتم بحسب الطلب والموقع والخدمات وقربها من المؤسسات، كالجامعة والمشافي وكراجان الانطلاق ومحطة القطار، إضافة الى موضوع تجهيز العقار والإكساء الذي يتميز به، والحقيقة أنه ليس بمقدور كل المواطنين الاستئجار في تلك المواقع لذا يتجهون إلى الأحياء الشعبية ومناطق المخالفات الواقعة خارج المخطط التنظيمي لمدينة طرطوس لكون العقارات تكون فيها أرخص، او الى مناطق بعيدة عن المدينة في بعض القرى القريبة من المدينة كمنطقة الطريق الجديدة او طريق صافيتا أو دوير طه, وهذه أيام الجامعات والطلاب, وهذا ما زاد الطلب على العقارات وبالتالي ارتفاع إيجارها.

وأوضح أبو سمير، من بانياس إنه على الرغم من عمله نهارا وليلا، إلا أنه لا يستطيع تأمين متطلبات الحياة اليومية، نتيجة الارتفاع اليومي للأسعار، ومن بينها أسعار ايجارات البيوت والمحلات، والتي ترتفع كل ثلاثة اشهر, ويقولون كلمتهم الدائمة لنا : اذا ما عجبك الله معاك, يعني يطردونا طرد, البيت الذي أسكن فيه مع عائلتي يتجاوز قيمة راتبي الحكومي الذي لا يتجاوز 130 ألف ليرة سورية، وكل ثلاثة أو ستة أشهر يأتي صاحب المنزل ويرفع الإيجار، ويبرر ذلك بارتفاع الأسعار, وأن له أيضا الحق في رفع إيجار منزله, وان الحي الذي نسكنه بالمساكن الشعبية.

ويضيف “خلال العام الماضي 2021 , كان الايجار يتراوح ما بين 50 ألفا إلى 100 ألف ليرة سورية، فيما يتراوح متوسط إيجار المنازل والمحال في الأحياء المتوسطة، مثل المينا والحي العريض، ما بين 400 ألف إلى600 ألفا شهريا، وكان متوسط الإيجار في العام الماضي لا يتجاوز 150 ألف ليرة سورية، وأما أسعار الإيجارات في الأحياء الحديثة ، مثل المشبكة وعند الساعة والحديقة، فيتراوح حاليا ما بين600 ألف إلى ما يزيد على مليون ليرة سورية بحسب حالة العقار الفنية وإكسائه ومساحته وموقعه, في إطار ارتفاع أسعار الإيجارات في كل طرطوس، والتي باتت تفوق بكثير أضعاف رواتب الموظفين الحكوميين ومتوسطي المداخيل، فقد بين عدد من المستأجرين، بأن بدل الإيجار الشهري الذي يدفعونه للمؤجر يفوق قدرتهم المادية وأكثر من رواتبهم بكثير”.

ويستطرد “مضطرون للإيجار لكونهم لا يملكون أي مكان يسكنون به ما يضطرهم لعمل إضافي إلى جانب عملهم الأساسي لتلبية متطلبات الحياة المعيشية الصعبة، أن عملية البحث عن عقارات للإيجار في المدينة كل ستة أشهر أو عام بعد انتهاء عقد الإيجار ما يؤدي الى فوضى وقلق وتعب وكفر في حياتهم، ويزيد ضغط الطلب على العقارات الأمر الذي يؤدي لارتفاع إيجارات المنازل مجددا، وما تزيد صعوبة الأمر والضغط على المستأجرين، هو أن أغلبية أصحاب العقارات السكنية يطلبون دفع قيمة الإيجار مقدما لمدة عام كامل أو لمدة 6 أشهر وفق عقد الإيجار المنظم مع المؤجر”.

اخبرنا السيد سومر، أحد طلاب الجامعة، يدرس في كلية الطب البشري بجامعة طرطوس، من سكان محافظة الحسكة، مستأجر مع ثلاثة من زملائه في منطقة الشيخ سعد بريف طرطوس، واجار المنزل الشهرية 800 ألف ليرة سورية، ويريد صاحب المنزل حاليا رفع الايجار، مبررا ذلك بارتفاع الأسعار، إثر تدهور الليرة السورية مقابل النقد الأجنبي.

اما السيد ليث فقال لنا: أنا طالب في السنة الثالثة بكلية الطب بطرطوس، وحقيقة لم أحصل على سكن جامعي، لذا اضطررت لاستئجار منزل مع رفاقي في منطقة المساكن، ونحن 3 أشخاص، وكل واحد منا يدفع شهريا قرابة300 ألف ليرة سورية، ونحن طلاب ولا نزال نأخذ مصروفنا من أهالينا، وانا أعيش من تجميع مشاركات مالية من اختي واخي ووالدي, لكن هذا بات يشكل عبئا عليهم أيضا، فكل شهر أحتاج إلى حوالي مليون ليرة سورية، وأحيانا أكثر، من إيجار المنزل، لمتطلبات الدراسة والمواصلات والمعيشة وخاصة الغاز وما شابه.

ايجار ومبيع وشراء العقارات في طرطوس تشهد ارتفاعا مستمرا منذ عدة سنوات، وذلك لعدة أسباب، من بينها زيادة أسعار مواد البناء، وانخفاض قيمة الليرة مع بقاء الانخفاض في الدخل، واهم الأسباب تتعلق بتصرفات حكومية خاطئة، رافق ذلك ركود في السوق، أن التجارة الداخلية حاليا في حالة ركود بسبب تراجع القدرة الشرائية لليرة السورية وتقلبها المستمر، اما الذين يلجؤون إلى بيع منازلهم للمتاجرة بها واستئجار منزل آخر للسكن. وهم يفعلون هذا لأن تكاليف العقارات مرتفعة نسبة إلى الدخل، الأمر الذي يجعل الإيجار أقل أشكال الاستثمار تكلفة، هذا ويعاني الأهالي من ارتفاع الأسعار وضعف القوة الشرائية، الأمر الذي زاد الطين بلة مع الارتفاع الأخير في أسعار المحروقات والمواد الاساسية، في ظل انهيار الليرة السورية وضعف القدرة الشرائية للمواطن وانخفاض الاجور في القطاعين العام والخاص.