لكل السوريين

الاحتجاجات الدامية في إيران.. وانعكاساتها على دول المنطقة

رغم ارتفاع حصيلة القتلى بين المحتجين الإيرانيين، واستمرار حملة القمع الشرسة ضدهم، وتأكيد منظمة العفو الدولية أن قوات الأمن الإيرانية ردت على الاحتجاجات باستخدام “القوة غير المشروعة، بما في ذلك استخدام الذخيرة الحية والخرطوش وطلقات معدنية أخرى مما أسفر عن مقتل العشرات وإصابة مئات آخرين”، استمرت الاحتجاجات في عشرات المدن الإيرانية، وأظهرت مقاطع مصورة شعارات مطالبة المحتجين بإسقاط المؤسسة الدينية أثناء اشتباكهم مع قوات الأمن في طهران وتبريز وكرج ويزد وقم والعديد من المدن الإيرانية الأخرى، بينما قامت نساء بحرق حجابهن وقصن شعرهن احتجاجاً على حملة القمع.

وتحدثت وسائل إعلام معارضة في الخارج عن احتجاجات واسعة النطاق استمرت في مدن إيرانية مختلفة، وأظهرت امرأة تلوح بحجابها الذي نزعته عن رأسها، وشوهدت نساء في عاصمة محافظة كردستان غرب إيران، التي تتحدر منها المغدورة أميني وهن ينزعن الحجاب، إضافة إلى رجل يضرم النار بلافتة لمرشد إيران علي خامنئي في مدينة شيراز الجنوبية، حسب تقارير بثها تلفزيون إيران الدولي المعارض من لندن.

ردود فعل

أدانت الولايات المتحدة عمليات القمع التي تقوم بها السلطات الإيرانية ضد مواطنيها المحتجين على مقتل الشابة مهسا أميني.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية “ندين العنف والوحشية التي تمارسها القوات الإيرانية ضد المتظاهرين الإيرانيين وقتل العشرات منهم”، وأكد نيد برايس أن “السلطات الإيرانية عليها أن تصغي للمتظاهرين، بدلاً من أن تطلق النار عليهم”.

ودعا المجتمع الدولي إلى رفع صوته ضد إجراءات الحكومة الإيرانية ودعم الإيرانيين الذين يمارسون حقهم في التظاهر.

ودعت متحدثة باسم المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان رجال الدين الذين يحكمون في إيران إلى “الاحترام الكامل للحق في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات”.

وخرجت تظاهرات احتجاجية في عدة مدن حول العالم لإيرانيين يحتجون على الأعمال القمعية للنظام وللتعبير عن تضامنهم مع قضية أميني.

كما نظمت تظاهرات دعماً لاحتجاجات الإيرانيين في دول عديدة بينها كندا والولايات المتحدة وبريطانيا وتشيلي وفرنسا وبلجيكا واليونان وهولندا والعراق.

احتجاجات إيران والعراق

تستأثر الاحتجاجات في إيران باهتمام العراقيين الذين يعتقدون أن انشغال طهران بأزمتها الداخلية قد يمنح العراق فرصة للاستراحة من التدخلات الإيرانية، لكونها تهيمن على المشهد السياسي في العراق من خلال أذرعها فيها.

ويقول محللون سياسيون عراقيون إن أية تظاهرات مناهضة للنظام في إيران ستسهم في زعزعته، مما يزيد انشغال طهران بأزماتها الداخلية ويبعدها ولو قليلا عن العراق والمنطقة.

كما أن استمرار الاحتجاجات في إيران رغم كل أساليب القمع التي تمارسها السلطات الإيرانية ضد المحتجين، قد يسهم في تحفيز مساحات الاحتجاج في العراق ضد الأذرع الإيرانية فيها.

ومن زاوية أخرى يرى عراقيون إن استمرار التظاهرات وموجات العنف المضادة لها، قد تدفع المجتمع الدولي إلى مراجعة حساباته حول إعادة تفعيل الاتفاق النووي بفعل ضغوط المنظمات الحقوقية والمجتمعات الغربية، بما لا يدفع إلى إنتاج اتفاق مريح لطهران لا يشتمل على قضايا الحريات، والحد من انتهاكات إيران الداخلية والخارجية.

احتجاجات إيران ولبنان

يتابع اللبنانيون الأحداث الإيرانية باهتمام نظراً للارتباط القائم بين البلدين نتيجة لنفوذ إيران في لبنان من خلال حزب الله، ودوره في الحياة السياسية وتحكمه بقرار السلم والحرب اللبناني.

وتزايد نفوذه بعد الاحتجاجات التي شهدها لبنان عام 2019، حيث ظهر كرأس حربة للدفاع عن المنظومة السياسية التي يتهمها اللبنانيون بالمسؤولية عن الانهيار الكارثي الذي بلغته البلاد، ودوره في عرقلة التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت وتقديم الحماية لشخصيات متهمة بالملف.

وترى مجموعة من اللبنانيين أن إضعاف النظام في إيران وانشغاله بالشأن الداخلي واحتمال انهياره، قد ينعكس بشكل إيجابي على لبنان عن طريق الحد من نفوذ حزب الله فيه.

في حين يتوقع آخرون أن يشعر الحزب مع احتمال إضعاف النظام الإيراني أو انهياره، أنه بحاجة إلى حسم سريع في لبنان وتثبيت وجود بما قد يصل إلى خيارات عسكرية، خاصة أن المنطقة مقبلة على مفاوضات وتسويات سياسية يحتاج فيها حزب الله وإيران إلى ما يقوي موقفهم في هذه المفاوضات والتسويات.