لكل السوريين

“التنور” مصدر رزق حمويات وارتباط بالتراث

حماة/ جمانة خالد 

لا تزال بعض نساء قرى الريف الحموي تحافظ على عادة إعداد الخبز على التنور، ويدفعهن إلى ذلك غلاء سعر الخبز في الأسواق وقلة جودته، وتفضيل هذا النوع من قبل عوائلهن، وصناعة خبز التنور تعتبر جزءاً من التراث الشعبي في المنطقة ولا يمكنها الاستغناء عنها.

في القرى وعلى الطرق الرئيسية تقودك رائحة الخبز المحمص إلى التنور فتشدك ومن معك من رفاق السفر لشراء رغيف ساخن أو فطيرة متعددة الحشوات تسد جوعك وتضفي جواً مميزاً على رحلتك.

التنور القديم تحول في الريف السوري من وسيلة لتوفير حاجة العائلة إلى مشروع متناهي الصغر يمنحها مصدر دخل إضافياً يدعم مواردها لتأمين مستلزماتها في ظل الظروف المعيشية الراهنة.

الكثير من النساء اتخذن من إعداد الخبز مهنة لهن يسعين من خلالها لتأمين متطلبات الحياة وتحسين أحوالهن المعيشية.

ووجدت مريم وهي من أهالي بلدة الشيحة، بعد وفاة زوجها، في إعداد الخبز مهنة تؤمن من خلال ما تجنيه منها، متطلباتها وأطفالها الأربعة بعد أن أصبحوا دون معيل، حيث لم تحصل مريم على أي فرصة عمل لتعين بها نفسها وأولادها الأربعة، “خطر لي أن أستغل مهارتي في صناعة الخبز، وبدأت العمل بالفعل”.

تأسيس مشروع صغير يدعم مرود العائلة فكرة راودت مريم محمد بعد تعرض زوجها لإصابة جعلته غير قادر على العمل فقامت بإنشاء تنور بتكلفة بسيطة لتعمل فيه مع أم زوجها لتأمين حياة كريمة لأسرتها على حد تعبيرها.

وتقوم محمد بخبز بعض أنواع الفطائر والمعجنات لأهل المنطقة مقابل أجر مادي معين مشيرة إلى أن الكثير من زبائنها من أهالي القرى المجاورة وسكان المدن الذين يعودون لقراهم في أيام العطل فيشترون الخبز والفطائر والبعض منهم يأخذ كميات لأصدقائه في المدينة مبينة أنها باعت كامل إنتاجها منذ الصباح في إشارة منها إلى أنه مرغوب

وتتقاضى المرأة مبلغا جيدا لقاء عملها في الخبز بالإضافة لعملها في صناعة المعجنات وغيرها، فيما تؤمن هي الحطب من الأحراش، وتقول “الغالبية يفضلون أرغفة الخبز المدهونة بالزعتر أو الفليفلة الحمراء المخلوطة بالزيت والتوابل”.

وعن معاناة أصحاب أفران التنور أوضحت محمد أنها تكمن في صعوبة تأمين الطحين بشكل كاف ومنتظم حيث يشترونه بالسعر الحر متمنية أن يحصلوا على كميات محددة من الطحين المدعوم.

وتشهد المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة دمشق أزمات معيشية متوالية، وتأتي أزمة الخبز أبرزها، حيث تعاني النساء القاطنات في تلك المناطق من عدة صعوبات، ولا سيما الأرامل والمطلقات، اللواتي يفتقدن الدعم الحكومي بكافة أشكاله، ولا سيما في السنوات الأخيرة، بعد اشتداد العقوبات على حكومة دمشق.

ومؤخرا، ونتيجة للظروف المحيطة بالمرأة في المحافظات الخاضعة لسيطرة دمشق، اتجهت العديد من النساء لابتكار مهن تساعدهن في مجابهة ظروف المعيشة، ومنها مهنة صناعة خبز التنور، التي كانت ولا تزال وجهة للكثير من النساء، لكون إعداد خبز التنور تعد المرأة المتميز الرئيسي بصناعته، رغم تطور الأفران وتطور وسائل إعداد الخبز.

وتقول نسرين، في الخمسين من عمرها، أنها تفضل خبز التنور على الخبز العادي، لعدة أسباب، أبرزها الوفرة التي تجنيها من جراء شرائها لخبز التنور على عكس الخبز العادي، الذي لا يكفي الفرد فيه 3 أرغفة يوميا.