لكل السوريين

دريد إبراهيمي: “تركيا تريد فصل شرق الفرات عن غربه، وما فعلته الولايات المتحدة لا يليق بتاريخ التحالف القائم”

حاوره/ مجد محمد 

اعتبر عضو مكتب التنظيم بالمجلس الاجتماعي الوطني أن ما تسعى إليه تركيا ليس وليدة اللحظة، وإنما جاء عن خطط قديمة، تسعى لتطبيقها ليس في سوريا فحسب، بل في جميع دول المنطقة.

في ظل إجماع العالم أن التجربة الحالية للإدارة الذاتية الديمقراطية في مناطق شمال وشرق سوريا ستمهّد لانطلاق أرضية مشروع دمقرطة سوريا عامة، مؤكدين دائماً أن مناطق الإدارة الذاتية هي منطقة جذب وطني، ضمن الظروف الحالية السياسية التي تعيشها، لا تزال الدولة التركية في سعي منها إلى تحقيق الحلم العثماني وتوسيع رقعة احتلالها، تمارس دولة الاحتلال التركي كافة أنواع الجرائم ضد أبناء شمال وشرق سوريا لاحتلال أرضهم، وتحقيق هدفها التوسعي هذا على حسابهم، فتارة تقصف منازلهم بالمدافع، وتارة تستهدفهم بطائراتها المسيّرة، وتارة تحاول أن تجابه العالم وتقنعه من أجل توسيع سيطرتها

وبهذا الخصوص أجرى مراسل صحيفتنا في الحسكة حوارا مع الاستاذ والكاتب دريد الإبراهيمي، عضو مكتب التنظيم بالمجلس الاجتماعي الوطني، وجاء نص الحوار كما يلي:

ـ في البداية، احتلت تركيا مناطق واسعة من الشمال السوري، ولا تزال تحاول احتلال المزيد، ما الهدف من كل هذا؟

تركيا تحلم باستعادة “العثمانية”، لهذا تحاول توسيع رقعة احتلالها وأن تكون دولة إقليمية ذات شأن وصاحبة الكلمة في المنطقة، وأن تكون ضمن المحور العالمي الجديد الذي تحاول الدول الكبرى تشكيله، وتضم المناطق التي احتلتها إلى أراضيها، وتحتل مناطق جديدة من خلال أخذ موافقة من هذه الدول لتهجير من تبقى من أهالي المنطقة، وهذا هو الاستبداد بحد ذاته، فعندما نشاهد المسؤولين الاتراك يتحدثون عن ذلك وكأن المنطقة التي احتلتها فارغة من أهلها، ولا يوجد بها أحد، فإنما يهدفون إلى خلق بؤرة توتر تكون نتائجها وخيمة على الشعب السوري بشكل عام.

ـ في الآونة الأخيرة تخبطت تركيا في عقد عدة اجتماعات مع القوى الدولية الفاعلة على الأرض السورية، تحدث لنا عن ذلك؟

مؤخراً عقد في العاصمة الإسبانية مدريد قمة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) من أجل ضم السويد وفنلندا للحلف، وحاولت تركيا ابتزاز الحلف من أجل شن هجوم بري على شمال وشرق سوريا، بالإضافة إلى وضع قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي على “قوائم الإرهاب” وفشلت في ذلك، أعقبه اجتماع في العاصمة الإيرانية طهران بين روسيا وتركيا وإيران، وحاولت تركيا الحصول على ضوء أخضر لشن هجمات ضد شمال وشرق سوريا وبحسب المعطيات فإنها فشلت في ذلك أيضاً، إلا أنها أخذت الإذن بشن هجمات عبر المسيّرات ضد قياديين في قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية وأبناء شمال وشرق سوريا.

ـ روسيا لم تعطي الضوء الأخضر لتركيا ضد شمال وشرق سوريا، لكن ألم تكن قد فعلتها مسبقاً؟

سابقاً، روسيا تواطأت بشكل علني وواضح مع الدولة التركية، وصمت حكومة دمشق أثناء غزو تركيا لعفرين، روسيا ليست متواطئة مع تركيا من أجل غزوها ضد عفرين واحتلالها والقيام بعملية التغيير الديمغرافي وجرف آثارها التاريخية، وتنفيذ عمليات قتل واغتصاب واعتقال فحسب، بل ساهمت في نقل أولئك السوريين الذين هم أداة بيد تركيا وبعض السوريين القومويين الشوفينيين والإسلاميين إلى المناطق المحتلة من قبل تركيا. كل عملية مساومة كانت خلفها عملية تهجير وتغيير كبيرة، عفرين كانت مقابل الغوطة الشرقية وغيرها من المناطق. وتلك المساومة كانت علنية على رؤوس الأشهاد وبتواطؤ بين الجانبين الروسي والتركي وصمت أميركي مطبق.

ـ ذكرت جملة صمت أمريكي مطبق، حلل لي ذلك؟

نعم، ففي ما يتعلق برأس العين وتل أبيض الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي كان يهدد أردوغان وبتدمير الاقتصاد التركي في حال شن أي غزو ضد تلك المناطق سمح له بشن عملية ضد رأس العين وتل أبيض، الأمر لا يحتاج إلى دلائل، الرئيس الأميركي دونالد ترامب فتح الطريق أمام أردوغان لشن عدوان وسحب قوات بلاده الموجودة في تلك المناطق، على الرغم من أن قوات سوريا الديمقراطية تصرفت بحكمة عظيمة لمنع أي عدوان تركي، وابتعدت عن الحدود ودمرت بعض التحصينات القريبة من الحدود، وبعدها سُيّرت دوريات مشتركة أمريكية – تركية في تلك المناطق دون أن يتعرض لها أحد، إلا أن حكومة العدالة والتنمية بعدما تأكدت من أنها لم تعد تملك الذريعة لغزو المنطقة، بدأت بالغزو والاحتلال، ما هو ثمن قبول الرئيس الأميركي السابق ترامب بذلك، لربما الوثائق اللاحقة التي قد تُكشف وتوضح ذلك، إن ما فعلته أميركا لا يليق بتاريخ التحالف القائم بين أميركا وقوات سوريا الديمقراطية، أميركا التي دائماً تشيد بدور قوات سوريا الديمقراطية في هزيمة داعش.

 

ـ تل رفعت، منبج، أبو رأسين(زركان) تشهد بشكل شبه يومي استهدافات بالراجمات أو القذائف والطائرات المسيرة، ماذا تريد تركيا أن توصل للعالم بالضبط؟

استهدف جيش الاحتلال التركي ومرتزقته عبر مسيّرة انتحارية، الأسبوع المنصرم، مركز مدينة تل رفعت، ما أدى إلى إصابة 9 مواطنين بينهم 6 أطفال، طفل منهم كانت حالته حرجة، نُقل إلى مدينة حلب لتلقي العلاج وقبلها العديد من المجازر التي راح بها العديد من الشهداء المدنيين.

أما ناحية ابو رأسين فهي بشكل شبه يرمي تحت القصف وخاصة القرى التابعة لها، وفي هذا رسالة للعالم أجمع وخاصة للقوى الدولية التي عقدت معها اجتماعات ورفضت إعطاء تركيا الضوء الأخضر لغزو مناطق شمال وشرق سوريا، الرسالة مضمونها شئتم ام ابيتم سأستمر بأفعالي الاحتلالية، والرأي العام العالمي نائم.

ـ والرأي العالم العالمي، ماذا بخصوصه؟

الرأي العام العالمي لا يمكن الاعتماد عليه، فسابقاً، تركيا ارتكبت مجازر ممنهجة وكذلك استخدام أسلحة محرمة، والرأي العام العالمي توقف على القلق والشجب والاستنكار.

أما حاليا، العالم كله يشهد تغييرات، والقوات العظمى العالمية تشهد تغيرات والعادات تموضع والشرق الأوسط كله سترسم خارطته من جديد وسنشهد نظام حالمي جديد، ف الأمر ليس واقفا على شمال وشرق سوريا فقط.

ـ استاذي الكريم، ماذا تقصد بتغيير خريطة الشرق الاوسط والنظام العالمي الجديد؟

العالم بأسره يشهد تغيّرات جديدة، وليس هناك أوضح مما قاله الرئيس الأميركي، جو بايدن خلال اجتماع مع رؤساء الشركات الكبيرة: “إن نظاماً عالمياً جديداً يتشكل”، وقبله أيضاً قال الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي: “ما إن بلغني فجر ذلك اليوم المشؤوم أن القوات الروسية بدأت تقصف كييف، حتى أدركت أننا طوينا صفحة من التاريخ، وأصبحنا على عتبة مرحلة جديدة تقتضي منا، نحن الأوروبيين، أن نكون جاهزين لهذا التحدي الذي وضعتنا أمامه روسيا، في عالم تحكمه القوة، علينا أن نكون مستعدين لتطوير قدراتنا الدفاعية والوسائل العسكرية اللازمة.

ـ وما علاقة هذا بالشرق الأوسط؟

تؤثر على الجانب الاقتصادي والأمن العالمي، وهذا ينعكس على الشرق الأوسط. الأميركيون الذين كانوا يتحدثون عن مغادرة الشرق الأوسط وعدم الاعتماد على الطاقة فيها، بدأوا بتغيير البوصلة ويتجهون الآن باتجاه الشرق الأوسط، حتى الرئيس الأميركي الذي كان يتحدث بصورة سلبية عن المملكة العربية السعودية وولي العهد السعودي، والذي وصف السعودية بالدولة المنبوذة اضطر للذهاب إلى السعودية والاجتماع مع ولي العهد السعودي ومحاولة الضغط من أجل أن تزيد السعودية من حجم الصادرات النفط لتخفيف التضخم الذي تشهده أميركا والدول الأوروبية، وبالتالي إعادة تموضع القوى الكبيرة وخاصة أميركا والدول الغربية من جهة، والصين التي تبقى ذات التأثير الكبير والتي تأخذ الشيء الكثير من الموقف والتحركات الأميركية من جهة أخرى.

وعلى هذا فأن كل الأطراف الفاعلة في الشرق الأوسط، سواء على الصعيد العسكري أو السياسي بالنسبة لأميركا، وروسيا والصين على الصعيد الاقتصادي، تقوم بإعادة تدوير الزوايا لاتخاذ الموقف الذي يجب اتخاذه في منطقة الشرق الأوسط، وأن هذه التحركات تؤثر على الجميع بكل تأكيد.

ـ الحوار معك ممتع وشيق أستاذ دريد، ختاماً أريد منك بضعة كلمات ختامية فيما يتعلق بالشأن الداخلي؟

تركيا تهدف إلى فصل غرب الفرات عن شرقها لتبقى المناطق السورية مجزأة فيما بينها كما كانت إبان احتلال الدولة العثمانية البائدة، فضلاً عن سعيها إلى تدمير نموذج الإدارة الذاتية التي تنتهج مشروع الأمة الديمقراطية، ويجب علينا نحن أبناء المنطقة أن نقف صفاً واحداً خلف قواتنا، قوات سوريا الديمقراطية خلف إدارتنا الذاتية لحماية مكتسبات شهدائنا والحفاظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً من الطامعين والمحتلين.