لكل السوريين

الفهم السوري للقرار 1325 ودور المرأة في السلام والأمن

إعداد/ انعام إبراهيم نيوف

اتخذ مجلس الأمن في جلسته المعقودة في تشرين الأول 2000 القرار 1325 بسبب ما أصاب المرأة في راوندا نتيجة للحرب الأهلية، وركز القرار على حماية المرأة من النزاعات الأهلية والحكومية والخارجية، ثم أصبح أعم من ذلك فصار يتعلق:

بضرورة مشاركة المرأة في الحياة العامة والسياسية لغرض إحلال السلام والحفاظ على حقوقها والمشاركة في القرارات السياسية في بلدها.

وبما أن قرار مجلس الأمن رقم 1325 يعد وثيقة قانونية بالغة الأهمية تدعو إلى زيادة نسبة تمثيل المرأة في كل مستويات صنع القرار والمشاركة فيه، ويحث الدول الأعضاء على ضم منظور النوع إلى آليات منع الصراعات وإدارتها وحلها.

ان قرارات مجلس الأمن غالبا سياسية تبنى على أساس مصالح الدول الكبرى، لكن القرار 1325 من أجمل القرارات الحقوقية، فهو قرار حقوقي امتيازي بالنسبة للمرأة، وبالتالي لا أحد يستطيع الالتفاف على هذا القرار، وإنما التمسك به وتنفيذه، سواء كان من الدول أو من الأمين العام للأمم المتحدة، أو من الأفراد.

فالقرار يحدد المرأة كشخصية كاملة الأهلية وليست تابعة من خلال التأكيد على دورها في عملية السلام والأدوار التي تقوم بها في أوقات السلم والحرب والكوارث.

واكد القرار على مشاركة المرأة على كافة مستويات صنع القرار، وحماية النساء والفتيات من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع اﻻجتماعي، وعلى العمل على منع العنف ضد المرأة من خلال تعزيز حقوق المرأة وأعمال المساءلة وتطبيق القوانين: وأحد أهم النقاط التي يشملها هذا البند هي محاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب – مثل العنف الجنسي – واستثناء جرائم العنف الجنسي دائماً من اتفاقيات العفو العام. كما يشدد على مسؤولية تعزيز حقوق المرأة في إطار القانون العام للدولة.

ان القرار يؤكد على تعميم منظور النوع اﻻجتماعي في عمليات حفظ السلام: ويشمل تعيين مستشارين لشؤون النوع اﻻجتماعي فى جميع عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وأخذ الاحتياجات الخاصة بالمرأة في الاعتبار دائماً عند رسم السياسات وكذلك السماح بنفاذ المعلومات المتاحة من جانب منظمات المرأة إلى جميع السياسات والبرامج.

وشدد مجلس الأمن بقراره رقم 1325، على الحاجة إلى:

مراعاة خصوصية المرأة وإشراكها في عمليات الحفاظ على الأمن وبناء السلام وخصوصا في المناطق المتضررة من النزاع.

التوعية الشاملة بخصوصية المرأة في الصراعات واتخاذ التدابير لضمان حمايتها والالتزام بحقوق الإنسان للنساء والفتيات.

تأمين الاحتياجات الخاصة للنساء والفتيات في النزاعات.

دعم دور المرأة في مجالات المراقبين العسكريين والشرطة المدنية والإنسانية ومراقبي حقوق الإنسان.

تمثيل نساء المجتمعات التي شهدت صراعات مسلحة لإسماع أصواتهن في عملية تسوية الصراعات ولتكن جزءا من جميع مستويات صنع القرار كشريك على قدم المساواة لمنع الصراعات وحلها وتحقيق السلام المستدام.

مشاركة المرأة في المؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية وآليات منع النزاع ومفاوضات السلام وعمليات حفظ السلام، إلى حماية النساء والفتيات من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، واتخاذ اجراءات فعالة لحمايتهن إضافة إلى العمل على منع العنف ضد المرأة من خلال تعزيز حقوق المرأة وأعمال المساءلة وتطبيق القوانين، كما يشدد على مسؤولية تعزيز حقوق المرأة في إطار القانون العام للدولة.

ولتنفيذ هذا القرار، يتعين على الدول الأعضاء وضع وتنفيذ خطط العمل الوطنية بهذا الشأن.

واقامة ورشات عمل وطنية، بمشاركة حكومية وغير حكومية، من اجل تعريف الآليات الوطنية ذات العلاقة بقرار مجلس الأمن رقم 1325 ودعم جهود الآليات الوطنية من أجل تطوير خطط عمل وطنية لتنفيذ القرار.

أن القرار لم يكن يذكر في السابق في سورية، ولكنه أصبح ضرورة ملحة بعد أحداث 2011م، وسورية الآن في بؤرة الصراعات والنزاعات، وبالتالي هذا وقت تنفيذ القرار، والتمسك به لن يكلف الدولة شيئا، وقد آن الأوان لأن تشرك المرأة في نزع الألغام ليعم السلام في الوطن.

والقرار لا ينسجم إطلاقا مع القوانين السورية، حيث لا تتأقلم القوانين في سورية مع التشريعات المصادق عليها من قبل الحكومة، فلا يوجد إشراك للنساء بشكل حقيقي، فالقرار في وادي والقوانين السورية في واد آخر.

كما تم اعتماد القرار رقم 1325 حول المرأة والسلام والأمن بالإجماع من قبل مجلس الامن في 31 تشرين اﻷول من عام 2000. وهذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها مجلس الأمن بمواجهة التأثير الغير المتناسب والفريد من نوعه للنزاعات المسلحة على المرأة، وكذلك اﻻعنراف بمدى تجاهل مساهمات المرأة في حل النزاعات وبناء السلام. كما شدد القرار على أهمية مشاركة المرأة على قدم المساواة وبشكل كامل كعنصر فاعل في إحلال السلام والأمن. القرار 1325 هو قرار ملزم للأمم المتحدة وجميع الدول الأعضاء فيها، كما يشجع الدول الأعضاء على إعداد خطة عمل وطنية (NAP) خاصة بها لتفعيله على المستوى الوطني.

سورية والقرار

انطلاقا مما سبق وحول أهمية القرار والقدرة على تكييفه وتطويعه للخصوصية السورية، فالقرارات الدولية عادة تواجه بالرفض من قبل التيارات المتشددة، باتهام تلك القرارات بأنها مستوردة ولا تتناسب مع الطابع الثقافي للمجتمع السوري، لكن ما يزال هناك قلة المعلومة المتداولة في المجتمع حول ذلك القرار، لكن من الضروري الانطلاق من التوجهات الاستراتيجية التالية:

الاهمية الضرورية لمشاركة المرأة السورية المتكافئة والكاملة في جميع مراحل المفاوضات وبناء السلام وحفظ السلام، وأن لا يتم تجاهل المرأة فيما يخص بقية المراحل من ناحية التخطيط وإعادة الإعمار وحفظ السلام والمشاركة في مختلف العمليات القادمة، سواء في الإعداد لجميع انواع الانتخابات القادمة، أو في أي صورة من الصور التي يجب أن تؤدي للبناء فيه خلال هذه المرحلة الانتقالية إلى مرحلة الاستقرار، وبالتالي نؤكد على أهمية مشاركة النساء, ومن اجل تفعيل مخرجات جميع الحوارات الوطنية، المدنية والحقوقية، فيما يخص نسبة مشاركة النساء في مختلف المؤسسات والهيئات، ومشاركة المرأة السورية في جميع الفعاليات بالإضافة إلى مشاركة مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة في كيفية التوعية بالقرار ، وخاصة من جهة النساء بأهمية المشاركة وتفعيل دورهن في تنفيذ هذا القرار.

وفي محاولة جادة لدعم المشاركة الحقيقية للمرأة في مواقع صنع القرار وفي عمليات السلم واعادة الاعمار للبشر وللحجر، ومن اجل مواجهة كل سلوكيات التهميش والإقصاء المتعمد للمرأة عن العمل السياسي في ظروف تتطلب الكثير من الحكمة لتوحيد الجهود وخلق شراكات حقيقية للخروج من الأزمات التي يختنق بها البلد وأهله، قات مجموعة من النساء السوريات في عام 2016 بالإعلان عن تأسيس التحالف السوري للقرار 1325 ، حيث ان المشروع تم بناؤه على أساس مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص كحق دستوري للنهوض بعمليات بناء الأمن والسلام لمواجهة الإرهاب وكل أشكال التطرف.

ان التحالف تشكل وانطلق من مبادرة نسوية سورية لوضع وتنفيذ الخطة الوطنية للقرار 1325 في سعي جاد للدفاع عن حقوق المرأة وتطبيق وتنفيذ الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وضمان مشاركتها في بناء الامن والسلم في اوقات الحروب والصراعات وعلى كافة المستويات. وتكمن رؤيته في مشاركة اوسع للنساء في عمليات بناء الامن والسلام في سورية وضمان كل السبل الممكنة لحماية النساء والفتيات في اوضاع النزاع وما بعد النزاع.

المطالبة لجميع الاطراف الحكومية وغير الحكومية السورية، بالتعامل الجاد اتجاه تنفيذ الخطة الوطنية للقرار 1325 (NAP) وضرورة وجود المرأة كشريك أساسي في بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق التوازن الاجتماعي في كافة مواقع صنع القرار.