لكل السوريين

خطة التقنين تدفع أهالي طرطوس إلى المزيد من التقشف والتقتير

طرطوس/ اـ ن

تستمر موجات الغلاء والارتفاعات السعرية التي طالت كل السلع الغذائية، وجميع المواد الأساسية وغير الأساسية، بالتوازي مع تعاطي غالبية المواطنين معها بالمزيد من التقشف والتقتير وشد الأحزمة، فالسوق منفلت، مع تكريس سياسات الإفقار والتجويع والتهميش، فالأسواق تغص بالمتفرجين والموائد تزداد تقشفا.

السيدة أم علي وهي مهندسة وربة عائلة مؤلفة من ثلاثة أفراد من القدموس بريف طرطوس، قالت: أصبحت الأسرة بحاجة إلى موازنة أسبوعية لشراء النواشف الخاصة بالإفطار والعشاء، لا تقل عن 100 ألف ليرة سورية، حيث وصل سعر كيلو اللبنة البلدية إلى40 ألف ليرة، والجبنة المشللة إلى ما يعادل 65 ألف ليرة أما البقرية بين 40 ل 50 ألف ليرة، والمسبحة بـ 25 ألف للكيلو، والمرتديلا الوسط بين 12 وال 15 ألف ليرة، رغم أن العائلات اعتادت سابقا على تموينها.

السيدة أم جانيت الموظفة وهي ربة عائلة من أربعة أفراد، من ريف الدريكيش قالت: نتيجة ارتفاع أسعار النواشف، انتشرت في الأسواق أنواع مغشوشة منها ولكنها رخيصة، حيث باتت السبيل لكثير من الأسر المعدمة غير القادرة على تأمين غذائها اليومي، هذا الواقع دفع بالعديد من الدكاكين والمتاجر لفتح تنكات السمنة وعلب الحلاوة، لبيعها بالوقية والكيلو، كحال الجبنة والزيت، والمستهلكون انقسموا إلى شريحتين ، فإما زبون يشتري بكميات كبيرة 2-3 كيلو لكل صنف من الألبان والأجبان، أو مستهلك من فئة الموظفين يشتري كميات قليلة جدا تكفي حاجته اليومية، وأغلب العائلات استبعدت اللحوم من موائدها، بل وباتت ارستقراطية تلك التي أبقت على وجبة لحم واحدة في الشهر، لكن مؤخرا حتى هذه الشريحة بدأت تتقلص مع بلوغ سعر لحم الغنم الهبرة 180 لـ 190 ألف ليرة للكيلو الواحد، وكيلو لحم العجل 150 إلى170 ألف ليرة، حتى الدجاج تجاوز ٧٣ ألف ليرة لكيلو الشرحات، ما دفع بعض اللحامين لبيع أجزاء من الدجاجة لم تكن مطلوبة سابقا للاستهلاك بسعر يتراوح بين 8 – 10 آلاف للكيلو، كالرأس مع الرقبة والعمود الفقري والمؤخرة، وحتى القوانص بلغت 11 ألف وغير منظفة، بل إن مصادر البروتين النباتية، والتي تعتبر أرخص المصادر، لم تعد يسيرة التناول بالنسبة للأسرة، فأقل مصدر للبروتين النباتي كلفته 10 آلاف ليرة :عدس- فول أو حمص.

أما السيدة كوثر وهي موظفة في نفوس الشيخ بدر قالت: يتساءل العديد عن سبب الارتفاع اليومي لأسعار الخضار في مواسمها، حيث باتت السبيل الوحيد لملء البطون الجائعة، إذ بلغ سعر كيلو البطاطا 7000 ليرة و8000ليرة للبندورة، أما الخيار 9000 ليرة، والكوسا والباذنجان 8000 ليرة، وكيلو الزهرة 6 آلاف ليرة، أما الثوم25 ألف ليرة، والفاصولياء 18 ألفا والحب منها بلغ 30 ألفا، حتى الخسة 3500 ليرة، أي إن تكلفة أي طبخة مشبعة لأسرة لن تقل عن 75 الى 100ألف ليرة، حتى المشروبات ارتفعت، فالقهوة تجاوزت أسعارها 100 ألف للكيلو، والمتة تبدأ أسعارها من 14 ألف ليرة، وكيلو السكر 14 ألف ليرة، أما عن أصناف الحلويات والبزورات والتسالي في الزيارات والمجالس، تلك التي كانت  من عادات أهل الساحل، فقد تراجعت لتتلاشى.

السيد تامر وهو موظف في المخبز الآلي ببانياس قال لنا: أن كل الأسر من ذوات الدخل المحدود أوقفت حصة الطفل المفترضة صحيا من البيض اليومي وكأس الحليب صباحا قبل الذهاب إلى المدرسة منذ زمن طويل، وخاصة عندما تجاوزت البيضة سعر 2200 ليرة وظرف الحليب 2500 ليرة، فمن ذا الذي يقدر على دفع ما يعادل 5000 للطفل مع فجر كل يوم، خاصةً أن الطفل بحاجة إلى سندويشة للمدرسة مع مصروف يومي، ثم وجبة غداء وعشاء في المنزل، مما دفع العديد من الأسر لتحويل البيض من حصة يومية إلى أسبوعية كي لا يحرموا أطفالهم من مصدر مهم للبروتين بشكل نهائي، فشراء النواشف أمسى مرهقا للجيوب، حتى سندويشة الزعتر باتت مكلفة والتي كانت تعتبر من أرخص الوجبات المدرسية، حيث وصل سعر لتر زيت الزيتون إلى 80 ألف ليرة وكيلو الزعتر الى 40 ألف ليرة، ما دفع بعض الأمهات لتخفيض مخصصات الطفل لسندويشة صغيرة، مع إلغاء كل أنواع الفواكه طبعا، باعتباره إنفاقا كبيرا فوق طاقة الأسرة على تأمينه، في حين ترسل أسر أخرى أطفالها خاوية الجيوب والبطون، لعجزها أمام غلاء الأسعار ومحدودية الدخل.

السيد ظافر وهو مهندس مدني في شركة الطرق بطرطوس أضاف: إن التفاحة أو البرتقالة والموزة، وحتى السندويشة، باتت مغرية لبعض الأطفال بسبب الفقر، ومنهم من يضعف أمام هذا الإغراء، ليس بسبب سوء تربيته بل بسبب شدة الحرمان، فسرقة السندويش بين الطلاب في المدارس أصبحت ظاهرة جديدة وليدة الفقر والحرمان وتدهور الواقع المعيشي، ومع الأسف تكون معالجة هذه الظواهر في بعض المدارس من خلال المزيد من جرعات التعنيف لهؤلاء المحرومين من أبسط حقوقهم، ما يزيد من نقمتهم على واقعهم وعلى مدرستهم ومعلميهم وأقرانهم وأسرهم.