لكل السوريين

جزائري يحرق نفسه..والحكومة تعتبر الحراك السلمي جريمة

في حادثة هزت الرأي العام الجزائري، أقدم أب لثلاثة أطفال يبلغ من العمر أربعين سنة، على حرق نفسه أمام منزله بولاية “خنشلة”، وأصيب بحروق خطيرة قبل أن يتمكن بعض المواطنين من إخماد ألسنة اللهب التي نشبت بكامل جسده، وإنقاذه ونقله إلى مستشفى “أحمد بن بلة” لتلقى العلاج الأولي، ثم قامت الجهات المختصة بتحويله إلى المستشفى الجامعي في ولاية باتنة لتلقي الرعاية اللازمة، نظراً لحالته الصحية الحرجة.

فيما باشرت مصالح الشرطة القضائية الجزائرية تحقيقاتها للكشف عن الأسباب والظروف التي أحاطت بهذه الحادثة التي قد تساهم في تصعيد حراك الشارع الجزائري، حيث أشارت مصادر مقربة من الرجل إلى أنه كان “يعاني ظروفا اقتصادية قاهرة”.

وأعادت هذه الحادثة إلى الأذهان حادثة إضرام المواطن التونسي طارق البوعزيزي النار في جسده احتجاجاً على مصادرة مصدر رزقه الذي كان عبارة عن عربة صغيرة لبيع الفواكه الخضروات.

وشكلت الشرارة الأولى التي تحولت إلى ثورة شعبية أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي.

تبرير الاعتقالات

على صعيد التصدي لتحرك الشارع الجزائري، سجنت الحكومة مئات المواطنين بسبب محاولاتهم الاستمرار بالحراك الذي نظم احتجاجات أسبوعية مؤيدة للديمقراطية ابتداء من عام 2019، ودفع الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة إلى الاستقالة.

ومنعت الحكومة المدعومة من الجيش المسيرات العام الماضي، وربطت بين أنصار الحراك ومجموعتين أضيفتا إلى قائمة الإرهاب الجزائرية، وهما جماعة “رشاد” وهي حركة إسلامية يقيم قادتها في أوروبا، و”ماك” وهي حركة انفصالية تنشط في منطقة القبائل موطن الأمازيغ.

وتحدثت مصادر حقوقية عن “آلاف الدعاوى المقامة ضد نشطا تهمتهم الوحيدة أنهم عبروا عن آرائهم السياسية عبر وسائل التواصل الاجتماعي على مدى العامين الماضيين.

واعتبرتهم منظمات حقوق الإنسان “ضحايا لنظام حكم ينظر إلى المعارضين والأصوات المنتقدة، كمجرمين”.

وأشارت إلى إن السلطات الجزائرية تستخدم ذريعة تهديد الأمن القومي لخنق حرية التعبير، وتبرير الاعتقالات.

وأطلقت عشرات المنظمات الجزائرية غير الحكومية خلال الشهر الماضي حملة على وسائل التواصل الاجتماعي ضد قمع حقوق الإنسان، واعتبار الحراك السلمي جريمة.

تعديل القانون لملاحقة النشطاء

اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها الرئيس عبد المجيد تبون بتعديل قانون العقوبات بمرسوم رئاسي، بهدف توسيع التعريف الجزائري للإرهاب ليشمل “الوصول إلى السلطة أو تغيير نظام الحكم بغير الطرق الدستورية” بهدف ملاحقة النشطاء والصحفيين والحقوقيين.

وقالت إن “كيل تهم الإرهاب المريبة والاتهامات الغامضة، لن يخفي حقيقة أن الأمر يتعلق بسحق الأصوات الناقدة في حركة إصلاحية سلمية”.

وطالبت السلطات الجزائرية بالإفراج عن مئات المسجونين بسبب خطابهم السلمي أو نشاطهم السياسي المؤيد للحراك.

وتحفظت وسائل إعلام جزائرية على تقرير المنظمة الذي يصور الجزائر كبلد يقمع الحريات.

وذكرت أن “التقرير يحاول استغلال قضية سجناء الرأي للضغط على الجزائر”.

وأشارت إلى إنها ليست المرة الأولى التي تحاول فيها المنظمات الحقوقية تقديم تقارير مغلوطة عن وضع حقوق الإنسان.

واعترفت بوجود نشطاء في السجون ذنبهم الوحيد هو معارضتهم والتعبير عن رأيهم، وأعربت عن أملها في “أن تنصفهم العدالة وتحكم ببراءتهم”.

وأضافت “هناك أيضا قضايا تخص التحريض على الانفصال والمساس بأمن الدولة ووحدة الجيش، والعدالة وحدها من ستحدد مسؤولية كل طرف فيها.

يذكر أن منظمة العفو الدولية استنكرت فرض “منع السفر التعسفي” من الجزائر لناشطين يحملون الجنسيتين الكندية والجزائرية.

وبحسب بيان مشترك مع منظمة هيومن رايتس ووتش، منعت السلطات الجزائرية ثلاثة منهم من العودة إلى كندا خلال هذا العام و”استجوبتهم بشأن صِلاتهم بحركة الاحتجاج الجماهيرية التي تطالب بتغييرات سياسية”.

وأعلن الثلاثة أنهم لم يبلَّغوا “بأي أساس قانوني لقيود السفر”، ما يجعل الطعن فيها أمام المحكمة صعباً، حسب البيان.

وفي شهر آذار الماضي طلبت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان من الجزائر تغيير نهجها من أجل “ضمان حق شعبها في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي”.