لكل السوريين

مفاجآت الانتخابات النيابية اللبنانية..والبرلمان الجديد تحت الاختبار

حملت نتائج الانتخابات النيابية في لبنان عدة مفاجآت خالفت معظم التوقعات التي سوقت خلال الأشهر الماضية.

وكان دخول كتلة نيابية جديدة تمثل قوى التغييريين والمنبثقين عن “انتفاضة  تشرين” أبرز هذه المفاجآت، حيث نجحت في تحقيق خروقات على كامل الساحة اللبنانية رغم التوقعات التي قللت من حظوظها، مع أنها خاضت الانتخابات دون موارد مالية أو موظفين مثل الفصائل القائمة، وحلّت في المرتبة الثانية بعد جماعة حزب الله القوية المدججة بالسلاح، وحصلت على مقاعد في جميع الدوائر الانتخابية، وأخرى مخصصة للطوائف في لبنان، لتتقارب مع كبريات الكتل النيابية التي حققتها الأحزاب التقليدية، وهو ما سيمنحها القدرة على التأثير داخل البرلمان المقبل، حيث من المتوقع أن يكون المستقلون الرقم الذي يتحكم بنتائج التصويت.

ومع أنه من المستبعد حدوث تغيير كبير بعد هذه الانتخابات التي قد  توفر فرصة للطبقة السياسية لإعادة إنتاج ذاتها بسبب تجذر نظام المحاصصة وتحكم النخب الطائفية بمقدرات البلاد، ولكن نتائجها وجهت ضربة للنخبة السياسية الحاكمة.

فالمجلس النيابي الجديد لن يكون ليست كسابقه بعد انتزاع قوى ومرشحين جدد عدة مقاعد من حصص الأحزاب والمرشحين التقليديين، فيما منيت شخصيات سياسية بارزة وزعماء امتدت ولاياتهم النيابية لعقود من الزمن.

مفاجآت الانتخابات

أبرز المفاجآت كان الاختراق الذي حققته قوى التغيير المنبثقة عن انتفاضة الشارع اللبناني في تشرين الأول عام 2019، حيث انتزعت لوائح المستقلين أو المجتمع المدني 13 مقعداً من مقاعد البرلمان الجديد، وهو أمر ليس سهلاً على الساحة السياسية اللبنانية التي اعتادت أن تتحكم فيها قوى سياسية تقليدية.

ومع الشك في قدرة القوى الجديدة على إحداث تغيير جوهري في المشهد السياسي اللبناني كونهم يفتقدون للخبرة السياسية، لكن ذلك لا يقلل من أهمية دور الأعضاء الجدد الذين ينتمون للشارع وحركته في البرلمان، فمن غير المتوقع أن يحدث التغيير دفعة واحدة، ولكنه يمثل مقدمة لتغيير أكبر في المرات القادمة، وقد يسمح وصول هذه الشخصيات المستقلة للبرلمان بأن تشكل مع نواب آخرين مستقلين عن الأحزاب التقليدية  كتلة برلمانية موحدة.

والمفاجأة الأخرى كانت في التقدم الذي حققه حزب “القوات اللبنانية” المعروف بعدائه لحزب الله وإيران، وعلاقاته الوثيقة مع المملكة العربية السعودية.

ورغم احتفاظ تحالف حزب الله وحركة أمل بكامل المقاعد المخصصة للطائفة الشيعية، إلا أنه خسر الأكثرية النيابية التي كان يتمتع بها مع حلفائه في البرلمان السابق.

البرلمان تحت الاختبار

أظهر واقع البرلمان اللبناني الجديد عدم وجود قوة سياسية تسيطر على المشهد السياسي فيه، وهو ما يضعه أمام خيارين: إما أن يتعاون لإنقاذ البلاد من أزماتها الخانقة، أو أن يدخل في مشاكسات بين قواه المختلفة بما ينعكس سلباً على لبنان بكامله.

والاختبار الأول للبرلمان الجديد مشكلة تشكيل حكومة لبنانية جديدة، خلفاً للحكومة الحالية التي ستكون بمثابة حكومة تصريف أعمال، وعليه أن يتشاور مع رئيس الجمهورية، لتسمية الشخصية التي ستترأس هذه الحكومة وقد تؤدي المناكفات السياسية داخل البرلمان إلى تأجيل تشكيل الحكومة في الوقت يحتاج فيه لبنان إلى حكومة تبدأ مسار الإصلاح لإخراجه من أزمته الاقتصادية الطاحنة.

والاختبار الثاني هو انتحاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، بعد أن تنتهي فترة ولاية الرئيس الحالي ميشال عون، مع نهاية سهر تشرين الأول القادم، وهي قضية يتوقع أن تثير انقساماً كبيراً ربما يؤدي إلى إحداث فراغ في الرئاسة اللبنانية على غرار ما حدث قبل العام 2016.

وبين التفاؤل والتشاؤم بنجاحه يعيش المواطن اللبناني في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة يشهدها لبنان، ويتطلع إلى أن يكون البرلمان الجديد بداية على طريق إنقاذ لبنان من الانهيار.

يذكر أن الانتخابات تمت بعد سلسلة أزمات هزت لبنان خلال العامين الماضيين بينها انهيار اقتصادي وانفجار كارثي في بيروت، واحتجاجات شعبية واسعة ضد سلطة زعماء الطوائف.

لكن عناصر عدة حالت دون وصول الاحتجاجات الشعبية إلى أهدافها برحيل السلطة التي تحمّلها مسؤولية الانهيار الاقتصادي وشلل المؤسسات، واستمرار القانون الانتخابي المفصل على مقاسات الأحزاب التقليدية.