حمص/ بسام الحمد
على مدار سنوات طويلة شكل سوق البالة (سوق الألبسة الأوروبية المستعملة) مهرباً للفقراء من لهيب أسعار الملابس الجديدة التي كانت تحلق أسعارها ارتفاعاً مع كل مفصل مؤثر أو غير مؤثر في الحرب السورية تزامناً مع دمار المدن الصناعية ومنشآت صناعة الألبسة المحلية وارتفاع أسعار المواد الأولية بدءاً من الخيط مروراً بالإبرة وصولاً إلى الأقمشة وكل ما يرتبط بها من متطلبات مرحلية لإنتاج قطعة ملبوسات.
وتشهد الأسواق الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية ارتفاعاً غير مسبوق في الأسعار، والذي وصل إلى الحلول البديلة التي لجأ إليها السكان لمحاربة الغلاء، كما حصل في أسواق ملابس البالة في حمص وسط سوريا.
ووصل سعر الفستان الصيفي في أسواق ملابس البالة بحمص إلى 200 ألف ليرة سورية، والقميص الرجالي إلى 150 ألفا، في حين تراوحت أسعار “الكنزات” بين 90 و120 ألف ليرة، أما الأحذية فتراوحت بين 250 و400 ألف.
وعلى اتساع السوق الهائل إلا أنه صار من شبه المستحيل الشراء منه بعد أن أصبحت أسعارها مرتفعة للغاية لتصل أسعار بعض قطع الملابس فيه لما يعادل دخل الموظف الشهري ففاقت تلك القيم السعرية قدرة معظم الشرائح السورية المادية على الشراء حتى تلك التي لم تدخل حدود ما دون خط الفقر حتى الآن.
وقال أحد أصحاب محال البالة للصحيفة، إن الأسعار باتت مرتفعة نتيجة ارتفاع أسعار الملابس من مصدرها الأصلي، علماً أنها مهرّبة وتدخل بشكل غير شرعي.
وأكد أن معظم زبائن البالة كانوا قبل 2011 من ذوي الدخل المحدود، أما اليوم، ومع تدهور الأوضاع المعيشية، فأصبحت الغالبية من الطبقات المتوسطة والغنية، سعياً وراء الماركات المتوفرة في البالة، التي لم تعد رخيصة.
ومع تسجيل هذه الأسعار بات من الصعب أو المستحيل على العائلات الفقيرة شراء الملابس، خاصة في ظل انخفاض الدخل الشهري بشكل كبير.
الجدير بالذكر أن متوسط راتب الموظف الحكومي السوري يقدر بنحو 200 ألف إلى 300 ألف ليرة سورية شهرياً، والذي يختلف حسب القطاع والخبرة، ولكن الرواتب تعد منخفضة جداً مقارنةً بتكاليف المعيشة.
وكشف تقرير جديد صادر عن برنامج الأغذية العالمي (WFP) لشهر حزيران 2024 أن الحد الأدنى للأجور في سوريا يغطي الآن أقل من خُمس احتياجات الغذاء للأسر السورية، في ظل تضاعف كلفة سلة النفقات الأدنى (MEB) مقارنة بالعام الماضي.
وشهدت أسعار الغذاء ارتفاعاً حاداً بنسبة 83% خلال نفس الفترة، ما يؤكد على حدة الأزمة الاقتصادية والغذائية التي تواجهها البلاد. وأظهر هذا التطور الفجوة المتزايدة بين تكاليف المعيشة والدخل، حيث كان الحد الأدنى للأجور يغطي ثلاثة أضعاف كلفة سلة الغذاء الأساسية للأسرة في عام 2019، بينما اليوم لا يكفي سوى لأقل من خُمس هذه الاحتياجات.