لكل السوريين

موسكو تعلن سيطرتها على ماريوبول وكييف تتحدث عن هزيمة استراتيجية لروسيا

بعد يوم واحد من إعلان الجيش الروسي سيطرته الكاملة على مجمع آزوفستال الصناعي في مدينة ماريوبول الاستراتيجية بجنوب شرق أوكرانيا، واستسلام آخر الجنود الأوكرانيين الذين كانوا داخله، قال رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية إن بلاده ستواصل القتال حتى تطرد القوات الروسية من جميع أراضيها، بما في ذلك شبه جزيرة القرم والمناطق الأخرى التي استولت عليها موسكو عام 2014.

وقال إن جهاز الاستخبارات الأوكراني يدير شبكة كبيرة من العملاء في روسيا ويراقب عن كثب الرئيس فلاديمير بوتين وغيره من كبار القادة الروس.

وأشار إلى أن أوكرانيا وصلت إلى المداولات التي جرت في موسكو من خلال مصادرها الخاصة وقال “كانت لدينا كل خططهم”.

وأكد أن المخابرات الأميركية أطلعت كييف على معلومات مفصلة حول خطط الغزو الروسي قبل بدء الحرب.

وأعرب عن اعتقاده بأن بوتين وصل إلى طريق مسدود بحيث لا يستطيع أن يوقف الحرب ولا ينتصر فيها، وأنه يواجه تهديداً داخلياً بمجرد أن يصبح عجزه عن هزيمة أوكرانيا واضحاً، حيث يدرك الروس “أن القيصر ليس عظيماً كما يتظاهر، وهذه خطوة نحو تدمير دولة روسيا”.

تضييق الخناق وردود الفعل

يضيف طلب السويد وفنلندا الانضمام لحلف الناتو قوة جديدة للحلف، ويوسع من حضوره عند الحدود الروسية لتضييق الخناق على موسكو، خاصة أن البلدين يمتلكان حدوداً مشتركة مع روسيا، ويشكلان فاصلاً بينها وبين الناتو.

وسبق أن قال بوتين إن ترشح الدولتين لعضوية الحلف لا يهدد روسيا لكنه “قد يدفعها للرد”.

فيما اعتبر الكرملين أن قرار الانضمام لن يؤدي إلى تحسين الأمن في أوروبا.

بينما وصف نائب وزير الخارجية الروسي القرار بـ “خطأ جسيم ستكون لعواقبه أبعاد هائلة”.

وقال التلفزيون الرسمي الروسي إن موسكو قد تنشر أسلحة نووية تكتيكية على حدودها الأوروبية، إذا سمحت فنلندا والسويد بإنشاء قواعد عسكرية على أراضيها بعد انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي.

وأشار إلى أن “السبب الرسمي لدخولهم الناتو هو الخوف، لكن سيكون لديهم المزيد من الخوف بعد انضمامهم للناتو”.

وأضاف: “عندما تظهر قواعد الناتو في السويد وفنلندا، لن يكون أمام روسيا خيار سوى تحييد التهديد الجديد، من خلال نشر أسلحة نووية تكتيكية”.

خيارات بوتين

في البداية حقق بوتين نجاحاته العسكرية حول العالم باستخدام وحدات صغيرة من قوات النخبة والمرتزقة والميليشيات المحلية، إلى جانب القوة الجوية الروسية.

وحقق ذلك لموسكو نفوذاً كبيراً بتكلفة منخفضة خلال التدخلات في جورجيا وناغورنو كاراباخ وسوريا وليبيا ومالي، وفي أوكرانيا خلال عملية ضم شبه جزيرة القرم، وإنشاء دويلات روسية معلنة من جانب واحد في لوهانسك ودونيتسك.

وفي كل حالة من تلك الحالات، تحركت روسيا بسرعة بحيث لم يتمكن الغرب من مواجهتها إلّا من خلال عقوبات متدرجة لم تغير الواقع، وتمكّن بوتين من فرض واقع جديد على الأرض.

وفي شباط الماضي، حاول بوتين تكرار نفس الأسلوب في أوكرانيا، للاستيلاء على السلطة في غضون أيام، ولكن هذه المغامرة المتهورة فشلت منذ أسبوعها الأول.

وتضاءلت الخيارات أمامه بحيث بقي الاستمرار هذه الحرب وتوسيعها في أوكرانيا أو خارج حدودها، خياره الرئيسي بما قد يدخل أوروبا والعالم مرحلة خطيرة في تاريخه الحديث.

الحرب الوطنية الثانية

من الواضح أن القوى الغربية ستواصل دعمها لأوكرانيا على الصعيد الدبلوماسي والاقتصادي والعسكري، وتزويدها بالأسلحة الثقيلة والمتطورة والخبرات التي تساعدها على استخدامها.

وأن تصعّد من عقوباتها الشديدة على روسيا.

وإذا تمكنت أوروبا من تقليل اعتمادها على الطاقة الروسية بما يضمن ألا يؤثر ذلك بشكل كبير على اقتصادها، ستتمكن من تجريد روسيا من سلاح الطاقة والتهديد بقطع الطاقة عنها، بما يمكّنها مع الولايات المتحدة من فرض عقوبات خانقة على موسكو.

وبالمقابل لا يبدو أن هنالك فرصة للتراجع بالنسبة لبوتين، والاستراتيجية السياسية الوحيدة المتبقية أمامه هي جعل الحرب في أوكرانيا جزءاً من النضال من أجل بقاء روسيا، ونضالها ضد “النازيين” والغرب الذين يتطلعون لفرصة إسقاط موسكو، حسبما يروّج له بوتين.

وهذا الخيار يمكّنه من اللعب على فكرة أن روسيا تواجه “الحرب الوطنية العظمى الثانية” ضد أوروبا، خاصة بعد طلب السويد وفنلندا الانضمام لحلف الناتو.