لكل السوريين

الشهيدة الشاهدة.. شيرين نصيرة الحق بقلمها ودمائها

على مدى ربع قرن كانت شاهدة جريئة على اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.

“اخترت الصحافة لأكون قريبة من الإنسان، ربما لن أغير الواقع لكنني على الأقل كنت قادرة على إيصال هذا الصوت إلى العالم.. أنا شيرين أبو عاقلة”.

كانت هذه كلمات الصحفية الشهيدة التي ضجّ العالم بجريمة اغتيالها الوحشية، حيث اغتالت قوات الاحتلال الإسرائيلية الصحفية أثناء تغطيتها لعملية توغل جيش الاحتلال في مخيم جنين، كما أصيب زميلها علي السمودي أثناء تغطيته للحدث نفسه.

وقال السمودي إن الاحتلال تعمد إصابة الفريق الصحفي رغم خلو المكان من أي محتجين أو متظاهرين أو راشقي حجارة.

وأشار إلى أن الاحتلال يعتزم تنفيذ عملية واسعة في منطقة جنين، واعتبر جريمة الاغتيال تحذيراً ورسالة للصحفيين حتى لا يغطوا الجرائم التي سيرتكبها الاحتلال.

ولطالما أكدت شيرين قبل استشهادها أنها كانت تشعر بأنها مستهدفة، وأنها في مواجهة كل من جيش الاحتلال والمستوطنين المسلحين.

وخاصة بعد زيارتها لسجن عسقلان واطلاعها على أوضاع الأسرى الفلسطينيين المزرية فيه، ونقل معاناتهم للعالم عبر قناة الجزيرة التي كانت تعمل مراسلة لها.

اغتيال ومداهمة

أكدت دائرة الطب العدلي في جامعة النجاح أن الرصاصة التي أصابت شيرين أبو عاقلة كانت قاتلة وموجهة إلى الرأس مباشرة، وأوضحت الدائرة أنه لا يوجد أي دليل على أن إطلاق النار كان من مسافة قريبة.

وبعد إخراج جثمان الشهيدة من معهد الطب العدلي في مدينة نابلس تم نقلها إلى مدينة رام الله

حيث تجمعت جماهير غفيرة لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليها من زملائها الصحافيين ومحبيها ومعارفها وشخصيات عامة، وانطلقت مسيرة جنائزية في شوارع المدينة، وسط حالة من الغضب والاستنكار الشديدين للجريمة.

وتجمع عدد من الصحفيين والأهالي والمعزين في بيت الشهيدة شيرين أبو عاقلة في حي بيت حنينا بمدينة القدس المحتلة، ورددوا هتافات منددة باغتيالها.

ولكن شرطة الاحتلال داهمت المنزل، وقامت بتفريق المجتمعين، وطالبتهم بعدم ترديد الأغاني الوطنية أو التجمع بأعداد كبيرة.

اعتداء على موكب الجنازة

هاجم جنود إسرائيليون الشباب الذين كانوا يحملون نعش الشهيدة في القدس الشرقية لنقله إلى الكنيسة التي أقيمت فيها الصلاة، مما تسبب باشتباكات واضطرابات كادت أن تسقط نعشها.

وحسب الهلال الأحمر الفلسطيني أصيب أكثر من عشرين شخصاً خلال هذه الاشتباكات نقل ستة منهم إلى المستشفى، فيما اعتقلت الشرطة الإسرائيلية ستة أشخاص.

وأثار هذا الاعتداء ردود فعل دولية منددة واسعة، حيث عبر الأمين العام للأمم المتحدة عن “انزعاجه الشديد” من تصرف “بعض عناصر الشرطة” الإسرائيلية خارج مستشفى القديس يوسف في القدس الشرقية لدى إخراج نعش الصحافية شيرين أبو عاقلة، حسب المتحدث باسمه الذي نقل عنه دعوته إلى احترام حقوق الإنسان الأساسية، بما فيها حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي.

كما عبر البيت الأبيض عن “انزعاجه الكبير” من أعمال العنف التي قامت بها الشرطة الإسرائيلية خلال جنازة الصحفية.

وشدد وزير الخارجية الأميركي على أن “كل عائلة تستحق أن تدفن أحباءها بطريقة كريمة ولائقة”.

وبدوره أبدى الاتحاد الأوروبي “استياءه” من تصرف القوات الإسرائيلية خلال الجنازة.

إدانات للجريمة

أدانت الرئاسة الفلسطينية جريمة اغتيال شيرين وحمّلت قوات الاحتلال الإسرائيلي مسؤوليتها،

وأعلنت النيابة العامة الفلسطينية عن فتح تحقيق دولي بالجريمة تشارك فيه الأمم المتحدة ومختلف الأطراف تمهيداً لإحالتها لمكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، وإلى المحاكم الوطنية المختصة، وصولا إلى ملاحقة ومحاسبة ومحاكمة مجرمي الحرب.

وأشارت إلى أن فلسطين مستعدة إلى أن تكون جزءاً من لجنة تحقيق ذات مصداقية، وأنها مستعدة لتوفير الدعم اللازم لها، وتحفظت على أن تكون إسرائيل جزءاً منها، باعتبار أن ذلك يقوض مصداقية التحقيق.

وأكدت وزارة الإعلام الفلسطينية أن الاحتلال لا يمكن أن يخفي جريمته، خصوصا أن الشهيدة شيرين كانت ترتدي جميع معدات التعريف بالصحافة.

ورأت نقابة الصحفيين الفلسطينيين أن الجريمة هي عمل مقصود ومدبر، وعملية اغتيال حقيقية مكتملة الأركان، وطالبت بتحرك ملموس لحماية الصحفيين.

وكان مجلس الأمن الدولي قد أدان مقتل الصحفية، كما استنكرتها وزارة الخارجية الأمريكية ودعت الجميع إلى الحفاظ على الهدوء وتجنب أي أعمال “يمكن أن تزيد من تصعيد التوترات”.