لكل السوريين

تطور الدساتير السورية

إعداد/ محمد الصالح 

 

احتضنت الحضارة السورية الضاربة في القدم أولى الشرائع المكتوبة في تاريخ البشرية، حيث اكتشف علماء الآثار الكثير من القوانين المكتوبة في منطقة سوريا التاريخية، تعود إلى مراحل وحضارات تاريخية مختلفة، ويعود أقدمها إلى تاريخ 2360 قبل الميلاد، في مملكة ماري التي تأسست في الألف الثالث قبل الميلاد على ضفاف نهر الفرات في الجزيرة السورية.

ومع التطور الاجتماعي، عبر التاريخ المعاصر بقيت مركز التشريع والتقنين في محيطها الجغرافي رغم التقلبات السياسية والاجتماعية والانقلابات العسكرية التي عصفت بها.

ولعبت الأحزاب والقوى السياسية المستقلة دوراً بارزاً في تطور الدساتير السورية، وخاصة الكتلة الوطنية التي انقسمت فيما بعد إلى حزبين، حزب الشعب والحزب الوطني الذي استمر بالعمل إلى أن تم حل الأحزاب خلال فترة الوحدة بين سوريا ومصر، وعاد الحزب إلى العمل بعد الانفصال، وفاز بالأغلبية في انتخابات العام 1961.

 

جماعة الإخوان المسلمين

تأسست جماعة الإخوان المسلمين في سوريا عام 1944، وانتخبت الدكتور مصطفى السباعي، مراقباً عاماً لها.

لم تطرح الجماعة في البداية تطبيق الشريعة الإسلامية، بل طالبت بالإصلاح على أساس الإسلام، ولم ترفض التعددية الحزبية في العمل السياسي بل اتخذت شكل الحزب، وانخرطت في السياق التنافسي الذي ساد الأجواء السورية في مرحلة ما بعد الاستقلال، وخاضت انتخابات عام 1949 وفازت بأربعة نواب في انتخابات الجمعة التأسيسية.

وخلال إعداد دستور عام 1952، أصرّ الإخوان المسلمون على وضع مادة تنص على أن دين الدولة هو الإسلام، إلا أنهم تراجعوا أمام رأي الأكثرية، وقبلوا بمادة تنص على أن الفقه الإسلامي أحد مصادر التشريع، وأن الإسلام هو دين رئيس الدولة.

بدأت جماعة الإخوان المسلمين حياتها السياسية بشكل ديموقراطي، فرفضت مبدأ الانقلابات العسكرية وانخرطت في الحياة البرلمانية، واحترمت رأي الأكثرية، ولم تستخدم لغة العنف والتكفير، وكانت على وشك أن تتحول إلى حزب ديمقراطي إسلامي اجتماعي.

ولكن توتر علاقة جماعة الإخوان المصرية مع عبد الناصر، وقرار الشيشكلي حل جماعة الإخوان المسلمين في سوريا عام 1952، غيّر من توجّه الجماعة، حيث برز اتجاه بين شباب في الجماعة اعترض على أسلوب قيادتها، وشكك بجدوى تحالفاتها مع الأحزاب العلمانية، ودعا لإعادة النظر بها.

وتمكّن السباعي من تطويق هذا التوجه الذي يؤمن بأساليب العمل الانقلابية العنيفة، لكنه عاد للظهور نتيجة تضافر عدة عوامل منها إعدام عبد الناصر لقيادات الإخوان في مصر عام 1954، وتعاطف الرأي العام السوري حكومة وبرلماناً وأحزاباً معهم، ثم فتحت سوريا أبوابها لقيادات الإخوان، وصدر قرار بإلغاء حل الجماعة في سوريا 1955 وعادت إلى العمل قانونياً.

وعندما قامت الوحدة بين سوريا ومصر حلّ السباعي الجماعة أسوة بالأحزاب الأخرى.

وعندما حدث الانفصال لم يوقع الإخوان المسلمون على قرار الانفصال، ولكنهم شاركوا في الانتخابات البرلمانية خلال مرحلته، وفازت الجماعة بعشرة مقاعد، وحملت الكتلة الإخوانية في البرلمان اسم “الكتلة التعاونية الإسلامية”.