لكل السوريين

المأساة المتواصلة.. المؤنة باللاذقية نعمة ام نغمة

اللاذقية/ سلاف العلي

يسيطر في الساحل مناخات الشوب والحر والرطوبة وانقطاع الكهرباء ولا هروب للمواطن الى البحر بعدما سارت الشواطئ الى التخصيص واسعارها الجهنمية والتي لا تعرف لها رب ولا دين بعد ان كانت هذه الشواطئ ملك البشر ويستطيع من يريد ان يسبح ويهرب من الأجواء الحارة ودون أي تكلفة لأنها ملك عام لكن الحضارة لها ذوقها المأساوي فبعد ان كنست الألوان الخضراء في البر تكنس منذ سنوات رمال الشواطئ، والمافيات والتجار بضاعتهم المواطن. وأصبح تقنين الكهرباء قدرا أحمق يجب أن يتعايش معه المواطن طيلة أيام السنة في واقع مرير متواصل، وبدون اية افاق لإيجاد حلول تشفي المواطن من جروحات الحروب.

تحاول الحكومة تحقيق الاستقرار المالي على حساب المواطن العادي الذي يعاني في صمت ويحمل عبئا لا يطاق، ويعيش ما بين الحاجة لتوفير خدماته الأساسية والتقصير من عمر الالام والمعاناة، وفي هذا السياق، تتضح مرارة المواطنين في اللاذقية وريفها في محاولاتهم لتأمين مؤونتهم التي يجهزوها لمواجهة الشتاء البارد لا لرميها في المزابل.

السيد الفاضل أبو شفيق من احدى القرى القريبة من اللاذقية وهو موظف في النفوس باللاذقية يروي لنا عن العذابات المؤلمة التي بذلتها زوجته وابنتيه في تحضير مؤونة منزلهم من الفول والبازلاء والملوخية والباذنجان المشوي والجبنة ، والتي كان مصيرها في صفوف النفايات، وقد وقعوا كعائلة في خسائر مالية فادحة جراء تلك المؤونة الفاسدة بسبب الانقطاعات الكهربائية القاسية، فسوء التقنين تجاوز بكثير فترات التيار الكهربائي المتوفرة، حيث فترة الانقطاع ما بين 5-6 ساعات  مقابل 15 دقيقة في أحسن الحالات، وفي بعض الأحيان يمكن أن تنخفض لمدة تصل إلى 12 دقيقة فقط، وهنالك عائلات كثيرة عانت من نفس المصير في رمي المونة في القمامة، ان الامر جحيم بجحيم فالمواطن بالأساس يعاني من عبء الحياة الصعبة وتحديات تامين متطلبات المعيشة ، ولكنه لا يزال يسعى لإيجاد طرق للتغلب على الصعاب والالتفاف عليها.

الممرضة ام منذر ربة منزل اخبرتنا بما يلي: حاولت الالتفاف على قصة قطع الكهرباء المستمر وكيلا لا تتأثر مواد المونة التي قمت تحضيرها، فقد تعبنا كثيرا في تحضيرها وعملت بالطرق القديمة لإعداد المونة، فقد قمت بتجفيف الفول والبازلاء والملوخية تحت أشعة الشمس وتخزينها في مطربا نات زجاجية محكمة الإغلاق، وأيضا عبر حفظ الجبنة المملَحة بعد غليها في مطربا نات زجاجية.

أما زينب وهي موظفة وعندها خمسة أولاد بنتين وثلاثة ذكور من قرى اللاذقية فقالت لنا: لقد سحبت قرض الطاقة البديلة وقمنا بتركيبها منذ أربعة أشهر واثناء عملنا للمؤونة قمنا باستبدال وحتى نسيان الكهرباء بالطاقة البديلة في كل أعمال المنزل وإعداد المونة وتخزينها، فالطاقة البديلة أصبحت كل شيء في بيتنا ولا نعاني من أي شيء وتخلصنا من جميع مشاكلنا المنزلية الناجمة عن فقدان الكهرباء.

أبو نهاد وهو عسكري وزوجته موظفة أخبرنا عن حاله ساخرا: عندي البراد والثلاجة أصبحوا يتصببون عرقا، ونحن نستعملهم متل النملية او الخزانة، كل المؤنة اللي تعبت بهم زوجتي قمنا بإذابة الثلج عنها ومن ثم رميناها بالزبالة، وليس كل العالم لديهم طاقة بديلة، وليس الجميع قادرا على تركيبها، خاصة نحن فئة الموظفين.

السيدة نهلا موظفة في مدينة اللاذقية وهي ام لشابين اضافت قائلة: إن الكهرباء هذه السنة أسوأ بكثيرين السنة الماضية، وحرفيا قالت: مو شاطرين غير بالوعود وما في شي عم يتغير، أقل شي يجيبوها بالليل خلي العالم تعرف تنام، والناس اللي عندها دوام تاني يوم تقدر تقوم على شغلها، ما حدا عم ينام من الشوب والبرغش، والبراد اللي صار متل قلتو بس منظر بالمطبخ، باختصار موت على البطيء.

السيد محمود مهندس زراعي وهو موظف وزوجته موظفة أخبرنا: نحن خلال سنوات طويلة ماضية تعودنا على تخزين العديد من المواد الغذائية في نهاية فصل الصيف، لتكون مخزون الغذائي طوال فصلي الشتاء والربيع، والغاية تخفيف النفقات والمصاريف المعيشية اليومية، ذلك لأن هذه الأصناف الغذائية غير متوفرة في فصل الشتاء وفي حال توافرت فستكون غالية الثمن وطعمها غير جيد مثل مواسمها الطبيعية، لكن ليس غلاء الخضروات ما يمنعنا من صناعة المونة فحسب انما أيضا قطع الكهرباء والتقنين الجائر، هنالك خطة ممنهجة لتدمير المواطن، رغم هبوط أسعار الخضروات، إلا أن علة التقنين الكهربائي تسببت في هذه المأساة بتجميع المونة، واصبحنا في طرق عيشنا ننتقل من مطب إلى آخر وعجزنا الدائم عن مواكبة الظروف الاقتصادية التي صارت فوق طاقتنا.