تتعدد العادات الرمضانية خلال شهر رمضان المبارك، ومنها “تبادل الاطعمة” فما إن تخمد الحركة قبل أذان المغرب حتى تبدأ عادة تبادل الأطعمة فترى الجيران يتبادلون الأطباق، والأطفال يتنقلون بين المنازل لإيصالها، في عادة رمضانية يتمسك بها السوريين تعكس تضامناً بين كافة فئات المجتمع فقراءً وأغنياء.
ويعد تبادل الأطباق الرمضانية أحد أهم ما يميز شهر رمضان المبارك، فبرغم بساطة هذا المشهد إلا أنه طقس مجتمعي له معاني كبيرة وأبعاد مجتمعية إيجابية بين أفراد المجتمع، وفيه تمنح كل أسرة الأسرة الأخرى من جيرانها جزءاً من طبقها الرئيسي، في حين ترد الأخرى بعطاء مماثل.
وبالرغم من الأثار الاجتماعية الإيجابية لتبادل الأطباق الرمضانية إلا أنه له جوانب اقتصادية حيث تكتفي أغلب الأسر السورية في ظل الازمة المعيشية والاقتصادية بنوع واحد أو نوعين رئيسين من الأطعمة بدلاً من التنويع فيها، الأمر الذي يوفر على الأسر الفقيرة الكثير من المصاريف في ظل ما تواجهه من ضائقة، وتضمن هذه العادة تنوعاً في السفرة الرمضانية.
وكان تتوقع الأسر السورية خلال الموسم الرمضاني لهذا العام انخفاضاً في أسعار المواد الأساسية بشكل يتناسب مع فروق انخفاض سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي الذي يستخدمه التجار مقياساً للبيع والشراء في الأسواق لعرض بضائعهم حيث يتراوح سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي مبلغ بين (10000ـ 11000) ليرة سورية بعد أن وصل لعتبة الـ (40000) ليرة سورية مما انعكس على السوق بشكل كبيرة مع تمسك بعض التجار بالبيع بالأسعار القديمة والتذرع بتأرجح سعر الصرف.
وبحسب المواطن علي الحسن فإن عادات تبادل الأطعمة تعكس مسؤولية أخلاقية ودينية في المقام الأول إذ يجب على الجار الاطلاع على ظروف جاره، وتعتبر من الواجبات الملقية على عاتقه، ولا تقتصر على شهر رمضان المبارك حيث أن أغلب الأسر السورية تعاني من وطأة الاوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة القاسية، وتضطر بعضها على الطهي على الحطب بدلاً من (الطباخات التقليدية) التي تعمل بالكاز أو المازوت.
ويؤكد الحسن على أن أهم صورة في شهر رمضان المبارك هي التضامن مع الجيران، وتبادل ما يطهونه من أطعمة، والجود بأفضل الأطعمة بحسب الإمكانية حيث كل عائلة تعطي بما تملك سواء كانت فقيراً أو غنية مما يعكس أعظم صورة من صور الرحمة والتضامن، وتعكس صفة الكرم والجود.
ويضيف بأن هذه العادة الرمضانية يجب أن تترسخ في المجتمع أكثر فأكثر من خلال رابطة التوعية لأهميتها، وزرعها في نفوس الصغار والكبار، ولذلك تجد أغلب الأسر يرسلون أطفالهم لتوزيع الأطعمة إلى الجيران قبل فترة أذان المغرب، وسماع الثناء والدعاء لهم ثم يرجعون كذلك ليجلبوا طعام جيرانهم، مما يزرع المحبة والتآلف بين أفراد المجتمع.
وختم بضرورة نشر هذه العادات المجتمعية الإيجابية في ظل ما تعانيه مجتمعاتنا من نكبات وصراعات، ومحاولات للقضاء على كافة أشكال الترابط المجتمعي، وزرع العداء والفتنة، وتفكك المجتمع.