لكل السوريين

الإنجاب و”لبس الفستان” أسباب الفتيات للزواج

حماة/ جمانة الخالد 

“كلما رأيت إحدى صديقاتي أشعر بالغيرة، بدأت هذه المشاعر تجتاحني منذ أن أصبحت في السادسة والعشرين من العمر، عواطف غريبة لا أستطيع وصفها تجعلني أبكي أحياناً فقط بسبب رفبتي بلبس الفستان الأبيض”.

“نادية عبدالله” (اسم مستعار)، تبلغ من العمر واحداً وثلاثين عاماً، وهي معلمة في مدرسة ابتدائية تحكي عن رغبتها بالزواج، وكيف يؤثر التفكير بالعنوسة على حياتها، تتابع: “أصبحت الآن في سنّ خيارات الزواج فيه قليلة وصعبة، فلا يمكنني الانسجام مع أي رجل كان من الممكن أن أستلطفه في العشرينات، نعم أفكر بأن أتزوج بأي رجل فقط من أجل الإنجاب، ليس لدي وقت كثير لأضيعه”.

تقول نادية أنها ترغب بتجربة شعور الأمومة ولذة إنجاب طفل، ولا ترغب الفتاة بتصور، أنها لن تتزوج، ويمثل هذان السببين، عاملا ضغط عليها، وتفقدها ثقتها بنفسها.

ليست “نادية” وحدها، فهناك المئات من النساء اللواتي يفضّلن الزواج بأي رجل على أن يبقين دون زواج ويفقدن فرصة الإحساس بلذة الأمومة وإشباع تلك الرغبة لديهن، حيث أن غريزة الأمومة تعتبر غريزة عميقة لها أبعاد نفسية على المرأة من الصعب الإلمام بها وإحاطتها، وقد تدفع هذه الغريزة النساء في بعض الأحيان للمجازفة والزواج فقط للتمتع بها وتجربها، دون أن تؤخذ بالحسبان العواقب التي قد تترتب على مثل هذا الزواج.

لا يمكننا نفي وجود هذه الرغبة بالإنجاب لدى الرجل، فالتكاثر جزء من طبيعتنا كبشر، وهناك عومل عديدة تدفعنا لاشعورياً باتجاهه، لكن من المؤكد بأن هذه الرغبة تتملك النساء بشكل أكبر وخاصة في إحدى مراحل حياتهنَّ بقوة، لتؤثر على قرارتهنَّ وتعاملهنَّ مع الظروف فيما يناسب تحقيق تلك الرغبة وإغفال الجوانب الأخرى، يحكمهنَّ في ذلك العمر البيولوجي للإنجاب والذي هو قصير مقارنة بالرجال، بالإضافة لعدم إمكانية إنجاب أطفال خارج إطار الزواج فيما يستطيع الرجل ذلك.

عالم الأمومة هو عامل نفسي غير موجود لدى الرجل، وقد تعاني المرأة من مشاعر أمومية مفرطة ليصبح هدفها في الحياة هو الإنجاب والذي تدفعها إليه غريزتي البقاء والموت، فهي بحاجة لشعورها بالبقاء واستمرارها بجزء منها يكبر أمامها وخوفها من الوحدة والموت، ورغبتها بالخلود يجعلها بحاجة لإنجاب أطفال يملؤون حياتها ويشعرونها بأهميتها، وقد تكون رغبة الإرضاء الجنسية متحولة في بعض الأحيان للرغبة بالحفاظ على النوع، فهذا الترابط بين الوظيفتين الجنسية والإنجابية يجعل من الصعب على المرأة فهم حاجتها وتفكيك التعقيد الموجود في طبيعتها البيولوجية أساساً.

“من الممكن أن أتزوج من أجل الإنجاب فقط في مرحلة معينة من عمري، وهذا يتبع لعدة عوامل، فإذا لم أستطع إيجاد شريك مناسب وبدأت أتقدم بالعمر أكثر سأتزوج من أجل الإنجاب، وأشعر بنفسي بأنني أستطيع أن أربي طفلي كما أشاء في حال لم تنجح العلاقة أو تستمر”.

“ريم فتوح” (اسم مستعار)، متخرجة من كلية الصيدلة، تتحدث عن إمكانية زواجها من أجل الأطفال، وتضيف: “هناك أسباب كثيرة تدفع الفتاة في المجتمع السوري للتفكير بهذا، فالأوضاع الاقتصادية العامة تجعل الرجال غير قادرين على التفكير بالزواج، بالإضافة لوجود معدل عالٍ من النساء العازبات، والنساء يخشين دائماً من تقدمهنَّ في العمر، فيلجأن للزواج، وخاصةً في سن ما بعد الثلاثين بهدف الإنجاب”.

تختلف الدوافع بين امرأة وأخرى، إلا أن فكرة الزواج من أجل الإنجاب أصبحت موجودة في المجتمع السوري، بغض النظر عن سلبياتها، لكن الظروف العامة تدفع بالنساء لاتخاذ مثل هذا القرار.

“لمى حسين” في السابعة والثلاثين من العمر تعمل محاسبة مالية في إحدى المؤسسات، تقول: “مؤخراً عرضت على أحدهم الزواج، ما كان يدفعني لذلك هو خوفي من أن أكبر أكثر دون أن أنجب وأبقى وحيدة، كان لقراري أسباب عدة، منها شعوري بالعجز عن العيش مع عائلتي وقناعتي بأنني سأبقى وحيدة، بالإضافة لذلك أعيش حالة مادية جيدة ولدي منزل وهذا جعلني أفكر بالأمر، قوبل طلبي بالرفض، ومع ذلك مستعدة للزواج بأي رجل لأشعر باستقرار وأنجب أطفالاً”.

قد تتزوج الفتاة برجل مطلق أو أرمل أو متقدم في العمر من أجل الإنجاب، دون أن تفكر بطبيعة العلاقة بينهما وما الذي يمكن أن تكون عليه، وما تأثير ذلك على الأبناء، قد يبدو قرار مثل هذا عادياً بالنسبة للعلاقات الأسرية الموجودة في المجتمع السوري.

والتي تنشأ بمعظمها من زواج تقليدي وعلاقة سيطرة من قبل الرجل وتبعية المرأة له، لكن ما يجب أن تأخذه النساء اللواتي يقررن الزواج بهدف الإنجاب بعين الاعتبار، هي الإمكانيات التي لديهنَّ لحماية هذا الطفل والقدرة على تربيته دون أن يكون ضحية لزواج لا يمتلك كامل الشروط لتأسيس عائلة متوازنة.

تلعب الظروف الاجتماعية والاقتصادية دائماً عاملاً مهماً في عملية التكاثر، فبعض الحالات تتطلب إنجاب مزيد من الأبناء وفي حالات أخرى العكس.