لكل السوريين

توتر ليبي في ظل وجود حكومتين ووساطات لمنع الصدام

تقرير/ محمد الصالح 

عادت حالة التوتر والاستقطاب في ليبيا بعد رفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة تسليم السلطة للحكومة الجديدة التي كلف مجلس النواب الليبي فتحي باشاغا برئاستها.

ورفض رئيس المجلس الأعلى للدولة لطريقة اختيار رئيس حكومة جديدة، بعد اتفاق لجنتي مجلسي النواب والدولة على خارطة طريق تؤدي إلى تغيير الحكومة والاتفاق على المسار الدستوري، وتشكيل لجنة دستورية للنظر في مشروع الدستور وتقديمه للاستفتاء.

وأعطى رفض المجلس الأعلى للدولة لتشكيل الحكومة الجديدة مبرراً قوياً لرفض تسليم السلطة لها، حيث يصر الدبيبة بعد تعثر الانتخابات في كانون الأول الماضي، على استمرار حكومته بالعمل حتى إجراء الانتخابات في شهر حزيران المقبل، ويؤكد أنه لن يسلم السلطة إلّا لسلطة منتخبة.

ودفعت هذه التطورات الوضع في ليبيا إلى مزيد من الاحتقان وجعلت كل الاحتمالات واردة، بما فيها عودة الاصطفاف الأمني للأطراف العسكرية.

ومن المرجح أن تتجه الأزمة الليبية إلى التصعيد بشكل متسارع، وإلى انقسام سياسي عميق في البلاد قد يصل إلى صدامات عسكرية في ظل وجود حكومتين فيها.

الدبيبة يعلن خطته

بعد أسابيع على اختيار مجلس النواب لفتحي باشاغا رئيساً جديداً للحكومة، أعلن رئيس الحكومة الليبية الحالي خطة من عدة مسارات تقود لإجراء انتخابات برلمانية في شهر حزيران المقبل، وترحيل الانتخابات الرئاسية إلى وقت لاحق.

وقال الدبيبة إن هذه الخطة التي أسماها “خطة عودة الأمانة للشعب” ستكون لإجراء الانتخابات “لتنتهي معها كل الأجسام الموجودة ومن بينها حكومة الوحدة الوطنية”.

وأكد أن خطته تقوم على إجراء انتخابات برلمانية قبل انتهاء الموعد الذي حددته خارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف الذي اختار حكومته قبل عام.

وجدد رئيس حكومة الوحدة الوطنية تعهده بعدم التنحي من رئاسة الوزراء إلا بعد انتخابات وطنية، بغض النظر عن تكليف البرلمان لباشاغا برئاسة الوزراء، وقال “إن المسار الذي يتبناه البرلمان يهدد بإعادة البلاد إلى الانقسام، وسيؤدي حتما إلى الحرب مرة أخرى”.

وشدد على أن خطته هي “الحل الوحيد” الذي يخرج جميع الكيانات السياسية بما فيها حكومته من المشهد الحالي.

المشكلة ليست في الحكومة

في إطار رفض المجلس الأعلى للدولة لتشكيل حكومة فتحي باشاغا، أشار عضو في المجلس إلى أن تسمية حكومة موازية من قبل مجلس النواب في طبرق غير مقبولة، ومخالفة للطريقة التي يرتضيها الشعب الليبي.

وقال “الجميع يعلم أن مشكلة ليبيا اليوم ليست في الحكومة ومن على رأسها، وإنما المشكلة الحقيقية في معالجة الانسداد السياسي عبر قاعدة انتخابية توافقية للمسار الدستوري”.

وأوضح أن حكومة الوحدة الوطنية باتفاق الجميع هي الحكومة الشرعية المنوط بها استكمال ما تبقى من وقت لاستكمال الاستحقاق الانتخابي في أقرب الآجال.

وأشار إلى أن جهود مجلس الدولة متواصلة لمنع التشظي وتعميق الشقاق الذي يعيد البلاد إلى الوراء، وحمّل رئيس مجلس النواب وبعض أعضائه مسؤولية ما يمكن أن يحدث من انشقاقات.

ورأى المجلس الأعلى للدولة أن الحل الجذري يكمن في الذهاب إلى انتخابات نيابية في أقصر الآجال و”إنهاء المراحل الانتقالية وعبثية استمرارها في المشهد الليبي”.

وساطات لمنع الصدام

أكدت مصادر ليبية أن الوضع الأمني محتقن في مصراتة التي ينتمي إليها الدبيبة وباشاغا، بسبب اعتزام الأخير القدوم إليها، في ظل وساطات يجريها شيوخ المدينة لحل الإشكالية.

وسبق أن طالبت قيادات اجتماعية وحكماء من مدينة مصراته غربي ليبيا، بوقف تحرك قوة مسلحة تابعة لباشاغا إلى طرابلس، ومنحهم فرصة لإنهاء مشكلة التسليم والاستلام بين الحكومتين.

وجاء احتشاد القوة الداعمة لرئيس الحكومة المكلف بعد إعلان “قوة العمليات المشتركة” المؤيدة للدبيبة حالة الاستنفار والتعبئة القصوى في طرابلس لمنع انتقال الحكومة الجديدة إلى العاصمة.

وكان رئيس لجنة المصالحة في مصراتة قد قال إن هدف الليبيين هو الوصول إلى الانتخابات، ويأملون من رئيس الحكومة المكلف أن يدعم هذا الهدف.

وأكد أن أبناء مصراتة لن يدخلوا في حرب مهما كانت الظروف، موضحاً أنه على تواصل مع أعيان ومشايخ إقليم برقة بالمنطقة الشرقية، والكل يطالب بالانتخابات كمخرج وحيد من الأزمة.

يذكر أن المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، أعلنت أن رئيس الحكومة السابق قد يجري محادثات مباشرة مع رئيس الحكومة الجديد لحل الأزمة السياسية في البلاد.

وأشارت إلى أن الدبيبة وباشاغا أبديا ردود فعل إيجابية حول المشاركة في حوار بنّاء.