لكل السوريين

رشاوي جواز السفر

تظل معاناة المواطن السوري مع مشكلة الحصول على جواز السفر أسوة بغيره قائمة، تحولت ـ وللأسف ـ إلى معاناة حقيقية لم يعد بالإمكان السكوت عنها، أو تركها على الهامش بدون الوقوف عندها ومعاقبة المعنين بها، لأنها صارت حاجة وضرورة في الوقت نفسه، ومن غير الطبيعي تركها على الرفّ بدون معالجة فورية وحاسمة، في الوقت الذي نجد فيه أنَّ الجهات المسؤولة تقف متفرجة حيال ما يجري، وتتعامل مع المواطن بـ “اذن من طين وأخرى من عجين”، خاصة وأنه صار يدفع لقاء الحصول على جواز السفر مبالغ كبيرة والهروب من بلده، ويبيع ما تحت يديه، ويقترض من هذا وذاك، ومنهم من يضطر إلى بيع مصاغ زوجته أو ابنته أو حتى أخته وغير ذلك، لا سيما أنه سيضطر إلى دفع مبلغ حوالي 1400 دولار أميركي للحصول عليه، وهذا ما يحدث اليوم سواء في الداخل السوري أو في الخارج ـ في الدول الأوربية والحصول عليه بعد معاناة شديد وانتظار ممل  ومقرف!.. في حين أن جواز السفر في دول الاتحاد الأوربي الذي يمنح للاجئين لا يُكلف استخراجه أكثر من 80 دولاراً أميركياً، وهذه الجواز يُمكّنك من السفر إلى جميع دول الاتحاد الأوربي وعددها  27 دولة، وبدون فيزا، ناهيك بالدول الأخرى التي تتطلب الحصول على تأشيرة مسبقة حتى تتمكن من السفر إليها، في حين أنَّ جواز السفر السوري غالي الثمن، ورغم الدفع غير المبرر للحصول عليه لا يُمكّن حامله من دخول “الحمّام”، أو إلى أي دولة فقيرة في الوقت الحالي، والسبب هو الوضع الحالي في سوريا نتيجة الحرب والدمار الذي حل بالبلد، وسياسة الحكومة  البغيضة مع المواطن ومع الدول المجاورة، ورفض المواطن السوري، غير المرغوب فيه أصلاً، من قبل السفارات التي يرغب في الوقوف أمام أبوابها لغرض الحصول على تأشيرة سفرها!.

طبيعي جداً أنّ مشكلة ابتزاز المواطنين للحصول على جواز السفر أسلوب قديم ـ جديد، ولا يمكن له أن يتغير البتة. وما زاد الطين بلّة هو زيادة تسعيرة دفع الرشوة للعاملين في إدارة الهجرة والجوازات في مراكز المحافظات، وهذه الصبغة الرئيسة في الحصول على رزقهم والتقاطه من خلال التحايل على المواطن، وقد تصل قيمة الرشاوي للحصول على جواز السفر إلى نحو مليون ليرة سورية!.

وكي لا نذهب بعيداً فإن عملية الابتزاز بحق المواطن تبدأ من شعبة التجنيد العسكرية نتيجة الخلل التي يتخذها القائمين عليها بالزام المواطن على دفع الرشوة نتيجة تلاعب العاملين فيها في الأوراق المقدمة من قبل المواطن نفسه، بقيام ذلك العامل بتغيير بعض الحروف من أسمه أو كنيته، ومن أجل استكمال بياناته يضطر إلى دفع الرشوة لجهة تصحيح الخطأ المفتعل!.

والسؤال، أين الجهة المعنية المسؤولة التي من المفترض أن تعاقب هؤلاء العاملين سواء في إدارة الهجرة والجوازات، وفروعها المنتشرة في المحافظات، أو في شعب التجنيد العسكرية التي تلعب في أوراق المواطنين التي يتقدمون بها، كل من أجل رفع مطالبها وتزيد من حجم لقمتها، وتفوّت على المواطن تحصيله على أبسط حق من حقوقه المشروعه، وهو حصوله على جواز السفر؟!.

 

عبد الكريم البليخ