لكل السوريين

“البالة” و”التدوير” سبيل أهالي حماة لمواجهة الغلاء

حماة/ جمانة الخالد 

للسنة الثالثة على التوالي، يرقّع علاء (35 عامًا) “جاكيته” الشتوي لاستخدامه في شتاء جديد، بعد عجزه عن شراء “جاكيت” شتوي، حاله كحال معظم سكان حماة وسط سوريا.

زار علاء محال الملابس في المدينة، سائلًا عن سعر “جاكيت” يناسب مقدرته المادية، ولكنه لم يجد ما يناسبه بأقل من 100 ألف ليرة سورية (28 دولارًا)، الأمر الذي يفوق مقدرته المالية.

ويعول علاء، وهو من سكان بلدة ربيعة، ثلاثة أطفال وزوجة جميعهم بحاجة إلى ملابس شتوية بشكل دوري.

وفي ظل ارتفاع أسعار المواد الأساسية والغذائية الضرورية لكل عائلة، يجد علاء نفسه مضطرًا لجمع ملابس أولاده لترقيع بعضها وإصلاح ما يمكن إصلاحه.

“جمعت ملابس أولادي وملابس زوجتي وذهبت إلى الخياط، فبعضها بحاجة ترقيع وبعضها بحاجة سحاب وبعضها بحاجة صباغة”، وفق ما قاله علاء، الذي تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية.

وأضاف علاء، الذي يعمل بالزراعة، أنه إذا قرر شراء ملابس شتوية جديدة لعائلته فهو بحاجة إلى مبلغ لا يقل عن 500 ألف ليرة (140 دولارًا)، “وجدت التدوير وسيلة تخفف عني عبئًا ماليًا قد أستثمره في شراء مازوت للتدفئة”.

وكل الوسائل الممكنة حاليًا تجبرك على إصلاح “جاكيت” قديم، بحسب علاء، أو شرائه من محال “البالة”، فحالة الفقر التي صارت سمة أساسية لحياة السكان في حماة دفعته لترقيع وتصليح ملابسه وأحذيته القديمة.

ولكن المهمة الأصعب بحسب علاء هي إقناع طفلك بتدوير ملابسه وحذائه، رغم قناعته أن الجديد أفضل.

وقال الشاب عبد الرحمن (23 عامًا)، إنه عالج اهتراء “جاكيته” برقعه تجميلية، توازيها رقعة مقابلة، حتى صارت تشبه موضة بلد منشأ “الجاكيت”.

وأضاف أن الصباغة تغير لون السترة وتوحي بتغيير شكلها، كما أن لها أثرًا سلبيًا يظهر في أثناء غسل “الجاكيت”.

الظروف المجتمعية فرضت على عمر (22 عامًا) شراء “جاكيت” شتوي بثمن 125 ألف ليرة (35 دولارًا)، وهو مبلغ مكلف لعائلته، ولكن لا بد من شراء الملابس الجديدة.

يرى عمر، وهو طالب جامعي من سكان بلدة خطاب، أن “حكي العالم في أثناء الدوام بالجامعة أرغمني على شراء جاكيت جديد. يجب أن أظهر بمظهر لائق أمام زملائي في الكلية”.

يعتقد عمر أن الملابس المرقعة تجعل زملاءه ينفرون من صحبته والسير معه، لأن “الشباب يهمهم المظاهر في أغلب الأحيان خلال جولاتهم اليومية في الجامعة، الشيء الذي يهمني أيضًا بالمقابل”.

استعانت سوسن (23 عامًا)، وهي طالبة جامعية أيضًا، بـ”مانطو” (جلباب) أختها الشتوي، كون “المانطو” الخاص بها قد اهترأ من كثرة الاستخدام، وأسعار هذا اللباس الشرعي الخاص بالنساء في الأسواق لا يقل عن 150 ألف ليرة (42 دولارًا)، وهو فوق قدرة العائلة على الشراء.

لذلك “استعنت بمانطو أختي لاستخدامه هذا العام، بعد أن أجريت عليه إصلاحات عند الخياط”.

لا توجد الكثير من معامل الألبسة في محافظة حماة، إنما يعتمد سكانها على استيراد الملابس الجاهزة من محافظة حلب ودمشق.

ويشكّل ارتفاع أجور الشحن، بسبب ارتفاع أسعار الديزل، عاملًا مهمًا في رفع أسعار الملابس بشكل عام، إذ وصل سعر ليتر الديزل إلى 3200 ليرة (90 سنتًا) في مناطق سيطرة الحكومة السورية.

وبحسب ما رصدناه لرأي أكثر من خمسة تجار ألبسة في حماة، فإنهم أجمعوا على أن أجور النقل سبب رئيس في الارتفاع، وكذلك ارتفاع تكاليف الإنتاج لدى المصدر (المعمل) بعد رفع أسعار الكهرباء، الذي كان سبب رفع سعر الملابس.

ورفعت وزارة الكهرباء تعرفة مبيع الكيلوواط الساعي من الكهرباء لمشتركي القطاع الخاص إلى 300 ليرة، بعد أن كانت 46 ليرة في عام 2017، وذلك وفق خط معفى من التقنين.

وبحسب تقرير لـ”UNHCR”، صدر في كانون الأول 2021، فإن 4.5 مليون فرد في سوريا بحاجة إلى المساعدة الشتوية غير الغذائية. كما أبلغت 95% من العائلات عن ضعف الوصول إلى الموارد الأساسية خلال فصل الشتاء مثل التدفئة.