لكل السوريين

كلمات للتاريخ

لطفي توفيق

عندما قرر السفاح العثماني إعدام المناضلين السوريين

بتهمة دفاعهم عن وطنهم..

وصلت مواكب عشّاق الحرية إلى ساحة المرجة بدمشق..

وساحة الحرية ببيروت..

وقالوا لمشنقتهم..

مرحباً يا أرجوحة الشرف..

مرحباً بالموت في سبيل الحرية.

وزيّنت أراجيح الأبطال ساحة المرجة..

وساحة الوطن.

وقبل ملحمة ميسلون..

كان يوسف العظمة يعرف أن جيشه لن يتمكن بعديده القليل..

وعتاده القديم..

من التصدي لجيش غورو بعديده الكثير..

وعتاده الحديث.. وطائراته ومدفعيته.

ولكنه صمم على مواجهته..

لكي “لا يذكر التاريخ أن الغزاة دخلوا دمشق دون قتال”.

ونبتت كلمات الوزير الشهيد على هضبة ميسلون..

وعلى كل هضبة وتل وجبل في سوريا..

وربما خارجها.

وبعد دخول قواته إلى سوريا..

زعم غورو أنها جاءت لحماية مسيحيي الشرق.

فقصد فارس الخوري الجامع الأموي يوم جمعة..

وصعد المنبر وقال..

تدّعي فرنسا أنها احتلت سوريا لحمايتنا من المسلمين..

وأنا كمسيحي.. أطلب الحماية من شعبي السوري.

وأشهد أن لا إله إلا الله.

فلتخرج فرنسا من بلادنا.

فحمله المصلون على أكتافهم..

وخرجوا بمظاهرة حاشدة في شوارع دمشق القديمة..

وصدحت حناجر المسيحيين والمسلمين معاً بهتاف واحد..

لا إله إلا الله.. رب واحد.. شعب واحد.

وعندما انطلقت الثورة السورية الكبرى من جبل العرب..

وشملت معظم المناطق السورية

كان شعارها: الدين لله والوطن للجميع.

وعندما شكل الخوري الوزارة في سوريا.

استهجن أحدهم الأمر أمام سلطان الأطرش.

فسأله قائد الثورة السورية..

وهل سيحكم بالإنجيل أم بالدستور؟.

أجاب المستهجن.. بالدستور.

فقال له أين المشكلة إذاً.

ذهب الغزاة والسفّاحون إلى مزابل التاريخ..

وبقيت أرواح الشهداء ترفرف في سماء الوطن.

وبقي السوريون يهزجون زيّنو المرجي..

والمرجي لينا.

ورحلت القامات الشامخة إلى قمم التاريخ

وبقيت كلماتهم تنطلق مع شذى زهور الوطن..

ومع نسمات مروجه وسهوله وجباله.

المجد والغار..

لتلك القامات التي أنارت ليل هذا الوطن..

وهزمت جلّاديه.

وبعد عودة الجلادين بوجوه معاصرة..

قدرنا أن نقول كلمة..

بل كلمات للتاريخ.

ونمزّق الخطاب الطائفي البغيض.

ونرمي بثقافة الكراهية خلف ظهورنا..

لنعيد بناء سوريا الحديثة لكل أبنائها.

سوريا الغنية بتنوعها..

وتعدد ثقافاتها..

وعمق تاريخها.