لكل السوريين

“نسج البُسط” مهنة يدوية في رمقها الأخير

حماة/ جمانة خالد

صناعة البسط اليدوية من الحرف التراثية القديمة التي تحافظ على ألقها وجمالها، على الرغم من تراجع الإقبال عليها، إلا أنها تشد انتباه عشاق التراث التقليدي بتناسق الألوان ومتانة الخيوط التي تحيك القطع الفنية وتعطيها رونقا جميلا.

ولمحافظة حماة تاريخ عريق في صناعة البسط اليدوية مستفيدة من وقوعها على أطراف البادية حيث الإنتاج الوفير من الصوف ذي النوعية الجيدة.

سليم عبود حرفي في خان رستم باشا بمدينة حماة يقف خلف نوله الخشبي ساعات طويلة ليمارس مهنته التي تعلمها من والده منذ أكثر من أربعين عاماً ويسعى إلى تعليمها لمن يشاء رغبة منه بالمحافظة عليها.

وتكلم عبود عن طبيعة المهنة والأدوات التي تدخل في صناعة البسط ومنها الدولاب اليدوي وأدوات النول موضحا أن صناعة البساط أو السجادة اليدوية تحتاج لما لا يقل عن ست ساعات عمل لإنتاج مترين من البساط.

ويشير إلى أنه يقوم بصناعة منتجات من القصاصات القماشية بمختلف الألوان بعدة أشكال مثل البساط أو الحقيبة أو علاقة المصحف الكريم والمساند والتكايات والمكاتب ذات الطبقتين والثلاث طبقات.

ودعا سليم لتخفيض أسعار المواد الأولية التي تدخل في صناعة هذه المنتوجات وخاصة الخيوط القطنية وخيوط اللحمة إضافة إلى إقامة معارض داخلية وخارجية من أجل تسويق منتجاته التي تعبر عن تراثنا المحلي.

وأوضح أن محافظة حماة كانت مشهورة بعدد العاملين الذين يمارسون هذه المهنة ولكنها تراجعت بشكل ملحوظ في السنوات الماضية كما أن ارتفاع أسعار المواد الأولية وعدم وجود سوق تصريف للمنتجات ساهم في عدم انتشار صناعة البسط اليدوية داعيا لإقامة معارض خارجية لتسويق البضائع المنتجة ومنح العاملين في المهنة قروضا دون فوائد وإعفائهم من أجور المحلات المستأجرة حاليا.

مسؤول في فرع اتحاد الحرفيين في حماة بيّن أن فرع الاتحاد بالتعاون مع وزارة السياحة خصص في سوق خان رستم باشا ممراً كبيراً للمحلات المعنية بالحرف اليدوية والمهن التراثية ومنها صناعة البسط وقدم كل التسهيلات من أجل دعمها والمحافظة عليها.

ويأمل سليم تأسيس جمعية شيوخ الكار تضم العاملين المبدعين في الحرف اليدوية والمهن التراثية من أجل دعمها والنهوض بواقعها نحو الأفضل والمساهمة في تسويق منتجاتها.

ويشتكي العاملون في نسج البسط من تراجع الإقبال عليها، وعدم قدرة الناس على شرائها، ويقولون أن ما ينسجونه من بسط لا يجد طريق للتسويق إنما يبقى معلقاً في المحلات.

ويتخذ سليم من سوق خان رستم باشا الأثري مكاناً لإنجاز أعماله على نول يدوي صممه بنفسه من خشب الزان والتوت وتحيط به مجموعة من المنسوجات الصوفية الجميلة التي لم تعد تجد لها طريقاً للتسويق في ظل ظروف الحرب التي تمر بها البلاد ،موضحاً أنه محاولة منه لمواكبة التطور وحفظ التراث اتجه إلى صناعة اللوحات الفنية والصور الطبيعية والأوابد واللقى الأثرية لتُعبر عن الهوية التراثية لمدينته حماة. حسب حديثه.

حرفة صناعة البسط كغيرها من الصناعات التقليدية السورية مهددة بالاندثار والزوال في ظل غياب الدعم الحكومي لمثل هذه الصناعات والاكتفاء بالاحتفالات والشعارات في أيام معدودة ومناسبات محددة، وهي تنتظر قرارات إعادة احيائها وتسويقها والبحث عن قنوات خارجية لتصديرها كرسالة تحمل إرثا وتاريخاً يوثق مهارة الحرفي السوري وإبداعه.