لكل السوريين

من عبق الماضي.. نازحة تواجه أزمة الخبز بـ “الحرّي”

تقرير/ مطيعة الحبيب  

رغم اندثاره نوعا ما في الرقة، بسبب ظهور الأفران والوسائل الحديثة لصناعة الخبز إلا أن التنور الطيني أبى إلا وأن يحافظ على أصالته التراثية، وساعده بذلك أنامل سيدة فراتية أعادت صناعة التنور وأعادت له الحياة من جديد.

خديجة العلي نازحة من دير الزور، تبلغ من العمر اثنان وخمسون ربيعا، تقيم في مدينة الرقة حارة البدو منذ خمس سنوات، تعاني من صعوبة تأمين مادة الخبز الكافية لعائلتها، هذه الأسباب دفعتها لصناعة تنور طيني مكنها من تأمين الخبز بكميات كافية.

صحيفتنا زارت خديجة في مكان إقامتها، والتقت بها، وقالت خديجة إنها أبت الانهزام أمام أزمة الخبز التي تظهر في بعض الأحيان، فبصناعتها للفرن استطاعت مواجهة الأزمة.

وتوضح “يدل صناعة التنور على أصالة المرأة والتراث قديما، ومدى اتقانها في صناعة الخبز والقيام بواجب الضيف في أي وقت يحل نزله، وعلى الرغم قديما لم يكن هناك أفران لإنتاج الخبز إلا أن الخبز كان وفيرا، حيث كنا من محصول أراضينا نخزن القمح بكميات تكفينا طوال السنة”.

واعتبرت الأربعينية أن الأوضاع الحالية أفرزت أزمات معيشية من أبرزها أزمة الخبز التي تعد الأزمة الأساسية، فما كان لها إلا أن أقدمت على صناعة التنور”.

الحري، الاسم الثاني للتنور، يصنع من الرمال الخالصة، شكله بيضوي على شكل حلقات، يتم مزج الحري مع كمية بسيطة من التبن والملح إضافة إلى الماء، بعدها تصبح المادة الممزوجة جاهزة لصناعة التنور وبنائه، ثم عملية البناء مدة شهر تقريبا.

خديجة التي بنت التنور بأناملها أشارت إلى أن هناك طرق أخرى لبناء الحرّي، فبعض النسوة يصنعنه من الحديد المحاط بالوحل المخلوط بالتبن، وذلك لعدم وجود خبرة كافية لديهن لبنائه بالطرق المعتادة.

خديجة أشارت قائلة “قبل استخدام التنور لإعداد الخبز نقوم بإشعال النار فيه عن طريق وضع الحطب مدة 24 ساعة كي يصبح غير قابل للكسر، ومن ثم نقوم بعجن العجين وتقطيعه ووضع على الكارة وخبزه، والكارة هي عبارة عن قطعة قماش دائرية تتناسب مع محيط الرغيف المراد صناعته”.

الصعوبة الأبرز التي تواجهها خديجة تكمن في تأمين الحطب اللازم لإعداد خبز التنور، حيث أن البلاستيك والوقود البديلة غير مناسبة أن توضع في التنور.

ويستعمل التنور لطهي عدة أكلات شعبية تشتهر بها مناطق الفرات، منها المحمرة، وهي عبارة عن خليط من دبس البندورة والفليفلة والبصل.

وهناك أكلات أخرى تصنع في التنور، أبرزها المشحمية والخبز المسمسم والكليجة وغيرها من الأطعمة الحديثة.