لكل السوريين

قتلها العطش.. بساتين شرقي دير الزور تحتاج من يشجّرها مجددا

دير الزور/ علي الأسود  

“كانت الباغوز جنّة من كثرة الأشجار المثمرة، وبكافة أنواعها، والآن كما تشاهدون، رمادا”، هكذا بدأ أحد المزارعين من ريف دير الزور الشرقي حديثه لصحيفتنا عندما التقى به مراسلنا في بستانه الذي اقتلع كل أشجاره بعد موتها بسبب العطش.

الباغوز، هي النقطة الأخيرة من الحدود السورية العراقية وتعتبر بمعظمها شبه جزيرة صغيرة يحيطها نهر الفرات من ثلاث جوانب، يسكن البلدة خليط عشائري متميز يعيشون حياة هادئة متجانسة، وكونها جزء من وادي الفرات الذي يعتبر ذا تربة لحقية خصبة وغنية.

تشتهر الباغوز بكافة أقسامها بزراعة أشجار مثمرة، يأتي الرمان بالمقام الأول، ومن ثم الحمضيات واللوزيات والتفاح، بالإضافة إلى زراعة القمح والشعير والقطن وغيرها من المحاصيل الاستراتيجية.

عندما دخل تنظيم داعش الارهابي واستولى على المنطقة قمع الأهالي والشجر على حد سواء، كما تسبب بتهجير أهالي الباغوز عن بيتوهم وبقاهم خارج مناطقهم لمدة ثلاث سنوات، وطوال تلك الفترة لم يعتني أحد بأرضهم ولا بأشجارهم المثمرة.

وبعد التحرير على يد قوات سوري الديمقراطية وعودة الأهالي وجدوا بساتينهم الخضراء قد تحولت لحطب، في منظر يوحي بأن المنطقة ستبقى صحراء قاحلة.

جالت كاميرا صحيفتنا في تلك البساتين، وحول هذا الموضوع تحدث إلينا المزارع محمد الحمد، من سكان ريف دير الزور الشرقي، فقال “في السابق كنت أملك بستانا على مساحة ما يقارب 8 دونم فيه من كافة أنواع الأشجار، من رمان ولوزيات وحمضيات”.

ويضيف “كان هذا البستان مصدر رزقي الوحيد، كنت أعيش مما يؤمنه هذا البستان حياة كريمة لي ولعائلتي، ولكن بعد عودتي وجدت البستان قد يبس كاملا، وبذلك فقدت مصدر رزقي الوحيد، وحاليا أعيش حياة صعبة”.

ويردف “قمت باقتلاع كافة الأشجار في البستان لأنها لم تعد تفيدني، بل باتت مصدر حزن وأسى، كل ما شاهدتها يابسة من العطش تألمت على بستاني”.

ويتابع بحسرة “حاليا أريد أن أزرعه من جديد، عسى أن يستفيد منه أولادي، فأنا لا أعتقد أنني سأشاهده كما كان، لكن التكاليف عالية جدا ولا يمكنني ذلك وحدي، فكل دونم من الأرض يحتاج تقريبا إلى ما يقارب 4 مليون لإعادة تشجيره من جديد، وانتظاره حتى يثمر”.

وتعيش كافة المناطق السورية أزمة اقتصادية خانقة نظرا للأوضاع المتردية وانهيار العملة المحلية جراء الحرب التي دخلت عقدها الأول، ناهيك عن فرض عقوبات على الحكومة السورية من قبل الولايات المتحدة.

وعن التكاليف أيضا، قال الحمد “أحتاج أيضا لسقاية البستان، كنت سابقا أسقيه عبر مضخات، وعند عودتنا وجدتها مسروقة كلها، كل فلاح يحتاج لدعم حتى يستطيع إنشاء مشروع، وفي ظل غياب الجمعيات الفلاحية وقلة الدعم فإنني أجد نفسي محتاجا لما يقارب 8 مليون ليرة لإعادة تشجير بستاني مجددا”.

وتقع الباغوز في الطرف الشرقي من نهر الفرات، وهذه المنطقة تسمى “الجزيرة”، ويعتمد المزارعون فيها بشكل مباشر على نهر الفرات في سقاية أراضيهم وبساتينهم، ويتواجد في المنطقة عشرات الآلاف من البساتين، إلا أن أغلب تلك البساتين يبست عطشا، والآن بات أهلها من هم مقتدرين ماديا على إعادة تشجيرها مجددا.

الجدير ذكره أن الباغوز كانت الجيب الأخير الذي كان قد تحصن فيه داعش ولم يخرج منه إلا بعد حرب طويلة، أبدى فيها مرتزقة التنظيم شراسة كبير في القتال، أدت إلى إطالة الحرب فيها إلى أشهر.