لكل السوريين

أزمات الاقتصاد التركي المتتالية..هل تُسقط المتسبب بها

تفاقمت أزمة الاقتصاد التركي في ظل تراجع قيمة الليرة ووصولها إلى مستويات متدنية جديدة، مما تسبب بأزمات معيشة متعددة في بلد كان يتمتع بحالة متقدمة من النمو.

وشهدت العملة التركية أسوأ فترة لها منذ ذروة أزمتها عام 2018، حيث هبطت إلى أدنى مستوياتها مقابل الدولار، بعد أن قرر البنك المركزي التركي خفض سعر الفائدة للمرة الثالثة خلال ثلاثة أشهر.

ورأى خبراء اقتصاديون أنه سيكون لهذه الخطوة تبعات خطيرة على الاقتصاد التركي.

في حين يرى بعض المراقبين للشأن التركي أنها ستشكل حرجاً لرئيس النظام الذي يتبنى سياسة خفض أسعار الفائدة لتحفيز النمو، كجزء من استراتيجية اقتصادية “غير تقليدية”، وقد تهدد هيمنته على السلطة التي استمرت ما يقرب من عقدين من الزمن.

وبحسب تقارير وسائل إعلام دولية، فإن ارتفاع أسعار السلع الأساسية كالغذاء والدواء والطاقة أدى إلى تآكل شعبية أردوغان، وتناقص كبير في أعداد الناخبين الذين كانوا يدعمونه سابقا.

وتشير التقارير إلى أن العملة التركية فقدت ما يزيد عن 45 بالمئة من قيمتها هذا العام، مما ألحق الضرر بالطبقتين المتوسطة والفقيرة في تركيا، ودفعهما إلى عدم الثقة بقرارات أدوغان، وأدى إلى تراجع شعبيته وشعبية حزب العدالة والتنمية إلى حد كبير.

تفرد بالسياسة النقدية

بعد أن أقال رئيس النظام التركي سلسلة من كبار المسؤولين الذين عارضوا رؤيته الاقتصادية.

ضغط باستمرار على البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة على الرغم من ارتفاع التضخم، في إطار استراتيجية غير تقليدية يقول إنها تهدف إلى تشجيع الصادرات والنمو الاقتصادي.

ويصرّ على أن أسعار الفائدة المنخفضة ستحفز النمو، وهي رؤية يشاركها البعض داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه.

ولكن التخفيضات المتكررة لأسعار الفائدة من قبل البنك المركزي، أدت إلى زيادة نسبة التضخم في تركيا، حيث بلغ معدلها أكثر من 21% في تشرين الأول الماضي بحسب الإحصاءات الرسمية.

ويشعر الاقتصاديون والمستثمرون في تركيا بقلق متزايد من أن التضخم السريع يمكن أن يشكل مخاطر عديدة على الاقتصاد بشكل عام، كما أن ضعف العملة يجعل من الصعب على تركيا سداد ديونها الخارجية التي تعادل حوالي ربع ناتجها المحلي الإجمالي خلال العام المقبل.

وبحسب تقارير تركية ودولية، فقد أدى عدم الثقة بالسيطرة على التضخم، نتيجة هيمنة أردوغان على القرار الاقتصادي، إلى دفع السكان المحليين لاستبدال الليرة التركية بالعملات الأجنبية، والاحتفاظ بأكثر من نصف الودائع في البنوك بالعملات الأجنبية، حسب البنك المركزي التركي.

الاقتصاد يطيح بشعبية أردوغان

أثار انهيار العملة احتجاجات واسعة في أنحاء تركيا، وتسبب غلاء الأسعار باستياء متصاعد، واحتجاجات كثيرة على الأداء الاقتصادي للحكومة التركية.

وقالت شركة “ماك”، للاستشارات السياسية، وهي موالية للحكومة، إن حصة حزب العدالة والتنمية من الأصوات انخفضت إلى أقل من 30 بالمئة للمرة الأولى على الإطلاق، وذلك في استطلاع للرأي نشرته الشركة في الأسبوع الماضي.

وذكرت صحيفة “وال ستريت جورنال” أنه في بلدة رئيس النظام التركي ريزي، حيث يوجد ملصق لأردوغان في كل مكان، فإن الأزمة الاقتصادية تضغط على الناس العاديين في البلدة ويقول بعض سكانها إنهم “سيصوتون لأي شخص يتخلص من هذه الحكومة”.

وظهرت للمرة الأولى في شوارع البلدة وبعض مكاتب مسؤوليها المحليين صور زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال أوغلو، الذي ينادي بالعودة إلى النظام البرلماني، حيث يشكل هذا النظام جاذبية كبيرة للأتراك، ويقول مؤيدوه إنه يوفر المزيد من الضوابط على الحكومة، ويحد من تسلط أردوغان على القرار الاقتصادي والسياسي.

يذكر أن الأزمة الاقتصادية التي تعصف بتركيا، تسببت بخيبة أمل لدى عدد كبير من الأتراك، وبتراجع شعبية أردوغان حتى في مسقط رأسه، بلدة ريزي الزراعية ، حيث أدى انهيار العملة إلى ارتفاع تكاليف الأسمدة والمواد الخام التي تعتمد عليها زراعة الشاي، وهي المادة الرئيسية في اقتصاد هذه المنطقة.