لكل السوريين

التقارب الأميركي الفلسطيني.. هل يتجاوز صفقة القرن

تقرير/ محمد الصالح   

بعد قطيعة استمرت نحو خمس سنوات، تجدد الحوار الأميركي الفلسطيني على الصعيد الاقتصادي من خلال الاجتماع الافتراضي الذي عقد بين الجانبين مؤخراً.

وأكد مسؤولون أميركيون وفلسطينيون في هذا الاجتماع على أهمية استعادة العلاقات السياسية والاقتصادية بين الحكومة الأميركية والسلطة الفلسطينية، وتعهدوا بتوسيع وتعميق التعاون والتنسيق فيما بينهما.

وحسب بيان لوزارة الخارجية الأميركية، ناقش المجتمعون “تطوير البنية التحتية، والوصول إلى الأسواق الأميركية، والتجارة الحرة، والقضايا المالية، والطاقة المتجددة، والمبادرات البيئية، وربط الشركات الفلسطينية والأميركية، ومعالجة العقبات التي تعترض التنمية الاقتصادية الفلسطينية.

وقالت مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى، في بداية الاجتماع إن إدارة الرئيس الأميركي “تؤمن بأن الشعب الفلسطيني يستحق أن يعيش في حرية وأمن وازدهار”، وأكدت أن نمو الاقتصاد الفلسطيني سيلعب دوراً حاسماً في دفع هدف حل الدولتين، “وإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة تعيش جنبا إلى جنب بسلام وأمن مع إسرائيل”.

واختتم الاجتماع الذي ضم العديد من الوكالات والوزارات الأميركية والسلطة الفلسطينية “بالاتفاق على عدة قضايا ضرورية لدعم الازدهار الاقتصادي للشعب الفلسطيني”.

رهان على إدارة بايدن

منذ دخوله إلى البيت الأبيض، أظهرت القيادة الفلسطينية مرونة عالية في علاقتها مع إدارة بايدن، حيث يتوقع الفلسطينيون تغييرات كبيرة في ظل إدارته، وإلغاء أو التخفيف من تبعات صفقة القرن التي أقرها سلفه دونالد ترامب.

وأكدت هذه القيادة رغبتها في العودة إلى مسار دبلوماسي مبني على القانون الدولي والشرعية الدولية، لإعادة القضية الفلسطينية إلى جدول القضايا الدولية بعد سنوات من العزلة والقطيعة، واستندت في استعدادها لإقامة علاقة متينة مع إدارة بايدن، والعودة إلى المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، إلى الرسالة التي تلقتها أخيراً من الحكومة الإسرائيلية، أكدت فيها التزامها بكل الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين، وهذا ما دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلى تمرير رسائل إلى الرئيس بايدن، من خلال كبار مساعديه، تتضمن استعداده لعودة غير مشروطة إلى المفاوضات مع إسرائيل.

ولكن واشنطن لم تعلن عن إطلاق أي عملية سياسية بعد، ويبدو أنها تفضل السير باتجاهها عن طريق الدبلوماسية الهادئة في المرحلة الحالية.

عودة الدعم المالي

في مؤشرات على عودة الدعم المالي للسلطة الفلسطينية، الذي يبلغ أكثر من 800 مليون دولار سنوياً، أعادت منظمة “يو أس إيد” الأميركية، اتصالاتها مع المؤسسات الفلسطينية في الشهر الماضي لتمويل مشاريعها، في وقت يكثر الحديث فيه عن عودة برنامج الدعم الأمريكي.

كما وعد وزير الخارجية أنتوني بلينكن عقب لقائه مع القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة شهر أيار الماضي، بتحسين العلاقات مع الفلسطينيين، من خلال إعادة فتح قنصلية في القدس والمساعدة في إعادة إعمار قطاع غزة.

وذكر بلينكن في تغريدة على تويتر أنه ناقش “تعميق الشراكة الأمريكية مع الفلسطينيين” خلال محادثاته مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء محمد اشتية في رام الله.

ووعد بالمضي قدما في عملية إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس، التي كانت بمثابة قناة دبلوماسية للتواصل مع الفلسطينيين.

صفقة القرن

وكان الرئيس الأميركي السابق قد أعلن في الثامن والعشرين من كانون الثاني الماضي عن خطته لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين التي عرفت بصفقة القرن، خلال مؤتمر صحفي عقده مع نتنياهو في البيت الأبيض، واعتبر فيه القدس عاصمة غير مجزأة لإسرائيل، واعترف بسيادة إسرائيل على المستوطنات والأغوار، وطالب الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، وهو ما يعني شطب حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إليها، واعتبر ترامب خطته “فرصة أخيرة” للفلسطينيين.

ولقد نسفت هذه الصفقة المرجعيات السياسية لمسار التسوية، كقرارات الأمم المتحدة، ومبادرة السلام العربية، والاتفاقيات المبرمة بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، وخاصة اتفاقية أوسلو التي ضمنت حق إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 67.

كما شكلت الصفقة انقلاباً أميركياً على حل الدولتين الذي اتبعته الإدارات الأمريكية السابقة.

ولم يوضح ترامب طبيعة الدولة الفلسطينية المقترحة في خطته لحل الصراع، لكنه اعتمد سياسة الضغط على الجانب الفلسطيني لتنفيذ خطته من خلال التلويح بالقوة والتهديد بها.