لكل السوريين

حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية -1-

إعداد أنعام إبراهيم نيوف

تندرج الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ضمن حقوق الإنسان التي تعالج الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الأساسية الضرورية للعيش بكرامة وحرية، والعمل، والضمان الاجتماعي، والصحة، والتعليم، والغذاء، والمياه، والسكن، والبيئة الصحية، والثقافة.

تعد حقوق الإنسان أداة مهمة تسمح بمساءلة الدول وعلى نحو مطرد الجهات الفاعلة من غير الدول بشأن الانتهاكات. كما تتيح إمكانية تعبئة الجهود الجماعية بهدف تطوير المجتمعات المحلية وإنشاء أطر عالمية، تفضي إلى تحقيق العدالة الاقتصادية والرفاه الاجتماعي وتعزيز المشاركة والمساواة. إن حقوق الإنسان حقوق عالمية ومترابطة، وهي غير قابلة للتصرف ولا تقبل التجزئة.

يحدد العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عددا من المبادئ المهمة لوضع هذه الحقوق موضع التنفيذ، ويتعين على الدولة بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اتخاذ الخطوات بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة لإعمال هذه الحقوق تدريجيا، فالدولة ملتزمة خصوصا، أن تكفل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من غير تمييز على أساس الأسباب المحددة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي تشمل العرق واللون والجنس واللغة والدين والرأي السياسي أو غير ذلك من الآراء والأصل القومي أو الاجتماعي والملكية والمولد ، ولقد حددت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في سياق عملها أسبابا إضافية يحظر التمييز على أساسها ومنها الإعاقة والعمر والجنسية والوضع العائلي والهوية الجنسانية والوضع الصحي ومكان الإقامة والوضع الاقتصادي والاجتماعي، إن القضاء على التمييز بالإضافة إلى بعض الالتزامات الأساسية الدنيا المحددة في بعض التعليقات العامة لا تخضع للإعمال التدريجي إنما تستوجب التنفيذ الفوري.

وتؤكد ديباجة الاعلان العالمي لحقوق الإنسان أنه: يتعين على كل فرد وهيئة في المجتمع، السعي إلى توطيد احترام حقوق الانسان من أجل ضمان الاعتراف بها ومراعاتها بصورة عالمية فعالة، ويمتد ذلك ليشمل الشركات والمنظمات الدولية والمتعددة الأطراف والجهات الفاعلة من غير الدول.

وردت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في القانون الدولي بعد مدة طويلة من مطالبة الشعوب في أنحاء العالم بهذه الحقوق الأساسية، وهذا يعكس الحرص على حياة كل فرد، لا سيما الفئات الأكثر ضعفا كما هو وارد في العديد من التقاليد الفلسفية أو الدينية أو غير ذلك.

يستخدم إطار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بغية دعم الاجراءات الرامية إلى تحقيق العدالة ومناهضة الظلم، وزيادة البدائل التقدمية لتعزيز التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

تمثل حزمة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مصدرا للحياة الكريمة والعدالة الاجتماعية للبشر، فهي تقوم على توفير المتطلبات الأساسية كالغذاء و التعليم و الصحة و السكن المناسب و الحصول على الخدمات و حماية الأسرة والمساهمة في الحياة الثقافية، وهذا ما يجعلها من أهم حقوق الإنسان، نظرا لكونها تلبّي احتياجات حيوية لا بد منها في حياة الإنسان تمنحه الطمأنينة و الاستقرار كي يصبح قادرا على المساهمة في حركة التنمية و التطوير، أن تلك الحقوق تشكل في الواقع منطلقا أساسيا للحقوق المدنية و السياسية حيث لا يمكن للإنسان أن يمارس حقوقه السياسية و هو يعاني البطالة و الفقر و التشرد و الجهل و المرض، ومن هنا فرضت تلك الحقوق نفسها كمبادئ أساسية ثابتة في جميع دساتير العالم، لكن تطبيق تلك الحقوق يتفاوت بين الدول بحسب درجة التطور السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و مدى احترام حقوق الإنسان ،إن عدم قيام الدول بتوفير تلك الحقوق لمواطنيها يشكل مخالفة صريحة لحقوق الإنسان و منافيا لما نصت عليه العهود و المواثيق الدولية بهذا الصدد , وقد يؤدي ذلك إلى حدوث احتجاجات شعبية قد تتطور إلى نزاع يدخل الفوضى و العنف الذي يهدد الأمن و الاستقرار، تعتبر مجموعة الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية من أهم حقوق الإنسان لما تتمتع به من خصوصية تجعلها مرتبطة بكيان الإنسان، والتي قد يترتب على الحرمان منها حدوث اضطرابات في البلاد و دخولها في حالة من الفوضى و العنف.

يتبع…