لكل السوريين

ينذر بقرب عيد الميلاد، ويحتفل به المسيحيون سنويا.. ما هو عيد بربارة التاريخي؟

الحسكة/ مجد محمد   

يحتفل المسيحيون في أنحاء العالم بعيد “البربارة” في الرابع من كانون الأول من كل عام بتقاليد وطقوس خاصة، وفي ليلة “البربارة” وكطقس من طقوسها تضاء شموع بعدد أفراد العائلة، وتقام حفلات تنكرية، تترافق مع مجموعة من الأغاني والأناشيد، ويردد الجميع أهازيج البربارة منها “يا قديسة بربارة عند ربّك مختارة، أبوكي هالكافر هالعبّاد الحجارة”.

وتدعو الكنيسة إلى إقامة الصلوات في هذا العيد، أما التنكر فيعتبر تقليداً متبعاً لا ترفضه الكنيسة، وفي الحسكة يتجاوز عيد البربارة، كونه مخصصاً للديانة المسيحية، ويتحول إلى طقس اجتماعي شأنه شأن شجرة الميلاد، واعتاد غالبية السوريين على تقديم طبق القمح أو كما باتت تسميته “طبق البربارة”، احتفالاً بهذا العيد.

ويعود هذا التقارب إلى تشابه الاحتفالات بين المسلمين والمسيحيين في مناطق متعددة، إذ يحتفلون به عبر تقديم طبق القمح مضافاً إليه السكر، وبمشاركة الجيران وحتى أبناء الحي يتم طبخ القمح بقدور ضخمة، ويسلق المحتفلون القمح وتضاف إليه نكهات كاليانسون والقرفة والسكر وحبات الجوز والزبيب واللوز، وهو يسمى “طبق البربارة”، إضافة إلى القطايف المحشوّة بالقشطة او الجوز المغمسة بالقطر، وذلك استعداداً لاستقبال الأطفال.

وفي الحسكة في الحفل الذي أقيم للاحتفال بعيد البربارة كان لصحيفتنا لقاءات مع المشاركين، والذين بدورهم تحدثوا لنا عن أصل هذا العيد، فالعيد وفق ما ذكروا: “إنه “بربارة” كانت ابنة نبيل روماني عرف بثرائه وبتعصبه لوثنيته، ولأنها كانت على قدر عالي من الجمال خاف والدها عليها من العيون، فبنى لها برجاً عالياً، حبسها فيه معظم طفولتها وشبابها، وكان الخدم والمعلمون يزورونها لتزويدها بالطعام وتدريسها”.

واكتسبت “بربارة” خلال سجنها في البرج العالي المحاط بالحرس عادة تأمل الطبيعة ودورة الفصول وحركة الشمس والقمر، فخلصت إلى قناعة ذاتية بأن الخالق لا يمكن أن يكون من الأصنام التي يعبدها أهلها، وكان أحد مدرسيها مسيحياً عرفها على الإنجيل، وقررت أن تنال المعمودية بالسر، وأن تكرس حياتها للمسيح، فصارت ترفض عروض الزواج.

أحرج رفض “بربارة” الزواج والدها أمام نبلاء قومه، فحاول أن يضغط عليها، وبدأ يشكك بتأثير المعتقدات المسيحية عليها، وعندما صارحته بإيمانها، حاول قتلها، فهربت منه وصارت تركض في الحقول والبراري، وللاختفاء عن عيون والدها وحراسه، صارت بربارة تلف نفسها بالملابس الممزقة، وتلوّن وجهها، واحتمت بين سنابل القمح الناضجة.

ولكن أحد الرعاة تعرف إليها، بسبب يديها الجميلتين، وعينيها الثاقبتين، كما تقول الأغنية الفلكلورية: “هاشلة بربارة مع بنات الحارة، عرفتها من عينيها ومن لمسة ايديها، ومن هاك الأسوارة” فأخذها بالغصب إلى بيت ابيها مقابل حفنة من المال”.

ولم تتخلى “بربارة” عن إيمانها رغم التعذيب، بل كانت جراحها تشفى في كل مرة، ولجأ والدها إلى الحاكم الذي امر بقطع رأسها وطلب تنفيذ الحكم بنفسه، واستعد لقطع رأس ابنته، عندها هبت لنجدتها شابة أخرى، تدعى “يوليانا” كانت متأثرة بها واعلنت إيمانها بالمسيح فقتلت الاثنتان معاً، وتعدان شهيدتين من شهداء الكنيسة الأولى.

ويشكل عيد البربارة في بلاد الشام إيذاناً ببدء موسم الميلاد، ويتم تزيين شجرة العيد بعد انقضاء ليلة البربارة، إلى جانب زرع بذور العدس والحمص وحبوب أخرى معلنة موسم البذار، ولكي تنمو منها براعم خضراء.

وفي الختام يذكر إنه يتم تداول اسم القديسة “بربارة” والأخذ من بركاتها في كل الأوقات فهي تعد شفيعة المصابين بالأمراض الوبائية، ويستجير بها المعرضون لخطر الصواعق، لأن أباها عوقب فقتل بصاعقة بعد ذبحها، كذلك يستعين بها ذوو المهن الخطرة، كفرق المدفعية في الجيش وصناع الأسلحة وعمال المناجم والبناؤون والنجارون.