لكل السوريين

دراسة تحذر من “انقراض الحشرات وتأثيره على قلة ملقحات النبات”

حذرت دراسة جديدة من أن التنافس بين النباتات لإيجاد ملقحات [حشرات أو فراشات أو نحل أو طيور أو خفافيش تنقل اللقاح ما بين الزهور]، وسط الانخفاض الملحوظ في أعداد الحشرات في مختلف أنحاء العالم، قد يهدد قدرتها على التعايش والتفاعل.

وقد قام علماء الطبيعة على مر الأعوام، بتوثيق الطرق التي تلجأ إليها النباتات لجذب الملقحات، بما فيها التميز بسمات مرئية خاصة، كإنبات بتلات مبهرجة [مجموعة الأوراق النباتية المتجاورة والمتموضعة في محيط يعلو الكأس في الزهرة] والسبلات [التي تحمي هياكل التكاثر في الزهرة وتوجد في الجزء الخارجي منها]، إضافة إلى إصدار روائح مميزة تسمى فيرومونات، وهي تسهم في جذب بعض الحشرات.

وعلى الرغم من أن عدداً كبيراً من الملقحات كالنحل والفراشات تزور أنواعاً نباتية متعددة، فإن أبحاثاً جديدة أشارت إلى أن انخفاض أعداد هذه الحشرات، يمكن أن يزعزع استقرار التعايش بين النباتات.

وحذرت الدراسة التي نشرت في مجلة “نايتشر” Nature العلمية، من أن “انقراض الحشرات” الذي تفاقم بسبب أزمة تغير المناخ، قد يؤثر على التنوع النباتي مع انخفاض عدد الملقحات في مختلف أنحاء العالم.

ويرى الباحثون أن اختفاء الحشرات الملقحة، سلط الضوء على الحاجة إلى فهم دورها بشكل أفضل في الحفاظ على التنوع النباتي. وتوصل بحث سابق إلى وضع نظرية مفادها أن المنافسة المتزايدة على الملقحات قد تزيد من تنوع النباتات، وذلك من خلال دخول النباتات في وضع يتعين عليها فيه التكيف مع التغيير، وإيجاد كوة بيئية مناسبة لها.

غير أن دراسات أخرى أشارت في المقابل، إلى أن التنافس بينها قد يؤدي بدلاً من ذلك، إلى استبعاد بعض الأنواع عن أماكن تموضعها، ما يقلل من التنوع في المجتمع.

وحاول العلماء معالجة هذه النظريات المتناقضة في الدراسة الجديدة، من خلال التدخل في بيئة التلقيح لخمسة أنواع نباتية مزهرة سنوية- هي: خردل الحقول، ونبتة غرومويل الذرة، والخشخاش الشائع، والذرة، والشمر البري – تمت تنميتها في حقل حيث كانت كثافة النباتات تتباين وفق طول متدرج.

وأجرى الباحثون في الدراسة، تقييماً للتلقيح ونمو النباتات، في 80 قطعة أرض صغيرة تبلغ مساحتها مترين مربعين، تضم أصنافاً مزدوجة من نباتات سويسرية الأصل. وقاموا بالتحكم في كمية التلقيح الذي أجري يدوياً في بعض الأنواع منها، فيما اضطر الباقي إلى الاعتماد على عملية التلقيح البيئي الطبيعية.

ولوحظ أن التلقيح اليدوي الإضافي أسهم في تخفيض نسبة التنافس على الملقحات بين أنواع النباتات، فيما تبين أن الأصناف النباتية الخمسة المستخدمة في الدراسة، كانت تعتمد على التلقيح العام من الحشرات، باستثناء نبتة غرومويل الذرة التي كان في إمكانها أيضاً التلقح ذاتياً.

وأشار العلماء المشاركون في الدراسة إلى أنه “بالنسبة إلى تسعة أزواج من أصناف النباتات العشرة، أدى التنافس على الملقحات إلى زعزعة قدرتها على إيجاد خصائص فردية تميزها عن بعضها البعض”.

وهذا يشير إلى أنه مع تقليل نسبة التلقيح، تجد أصناف النباتات المزدوجة نفسها عاجزة عن تحقيق نوع جديد من التوازن البيئي في تفاعلاتها مع بعضها البعض داخل بيئتها. وتبين أن تسابقها في التنافس على اجتذاب الملقحات أسهم في زعزعة التفاعل في ما بينها، ما أدى إلى تضاؤل عدد الأنواع النباتية القادرة على التكيف والتعايش معاً.

وذكر الباحثون أن “هذه النتائج تدعم الفرضية القائلة، إن الملقحات تزعزع المنافسة بين النباتات من خلال تفضيل الأنواع الأكثر شيوعاً منها على حساب منافساتها الأكثر ندرة”.

وقالوا إن تفاعلات الملقحات النباتية أسهمت في إحداث “اختلالات تنافسية” بين أنواع النباتات- وهو التأثير الذي يتوقعون أن يتفاقم أكثر بفعل انخفاض مستويات الملقحات وسط الانقراض الجماعي السادس العالمي المستمر الذي أحدثه التغير المناخي.

وكشف المنهج التجريبي الذي عمل على تحفيز انخفاض الملقحات، أن الأنواع النباتية التي شهدت تراجعاً حاداً في زيارة الملقحات لأزهارها، قد سجلت تراجعاً أكبر في معدل نموها التكاثري.

واستناداً إلى ما تقدم، رأى العلماء أن هذه الخلاصات تكشف مدى احتمالية تراجع التفاعلات بين الأنواع النباتية، وتزايد الاختلالات التنافسية بينها في تسابقها على جذب اهتمام الملقحات.

ويعتقد الباحثون أن هذه المعلومات هي “قيمة للغاية” في التمكن من تحديد التبعات البيئية لتراجع عدد الملقحات. وخلصوا إلى أن “النتائج تكشف عن أن التنافس على الملقحات قد يزعزع استقرار التعايش والتفاعل بين النباتات، ويسهم في اختلال التوازن التنافسي بينها. وهي معلومات مهمة لتفسير الآثار التي يمكن أن تنجم عن تراجع عدد الملقحات”.

وكالات