لكل السوريين

الخياطة النسائية في حلب.. مهنة قديمة تقاوم الاندثار

السوري/ حلب 

رغم التطور التقني والمعرفي، وتوفر العديد من السبل للحصول على ما يريده الفرد، إلا أن هناك فئة من السيدات لا يحبذن التسوق وشراء فساتين المناسبات من الأسواق.

فهن يعملن على البحث عن الموديل الذي يرغبن فيه، ويبحثن عن القماش المناسب، والخياط المحترف الذي يحقق ما يثير إعجابهن.

صورة الخياط وهو يمسك مقصه، ومتره، والإبر بحرفية تامة، ويجلس خلف ماكينة الخياطة ذات الصوت المألوف، ليحيك ألوان الأقمشة المحايدة إلى قطع جمالية تختال بها النساء، لم تغب عن العصر السريع.

تقول أم عدنان “إن مهنة الخياطة كانت مقتصرة على ربة المنزل التي كانت تخيط الملابس لأولادها وزوجها وجميع أفراد أسرتها، فكانت الخياطة حكرا على عنصر النساء أو تكاد”.

أما اليوم فلم تعد الخياطة مجرد مهنة تقليدية بل تجاوزت هذا المفهوم لتضع بعض من يحترفها في صفوف الفنانين والمبدعين؛ حيث ارتقت بالكثير من مصممي الأزياء من مصممين عاديين يعملون في محلات صغيرة إلى مصممين عالميين ذائعي الصيت.

تعمل الخمسينية ناديا الحسنات، في مهنة الخياطة التي ورثتها عن والدتها؛ فنساء مدينة حلب يعرفن أنها خياطة محترفة ومتخصصة في المناسبات؛ إذ تشتهر بتصميم وخياطة التيورات، وفساتين السهرات، وبدلات الخطبة والأعراس.

تقول ناديا إنه رغم تطور العصر وتبدل الظروف، فهي لا تستطيع أن ترتدي إلا القطعة التي تحيكها بأناملها. وفي رأيها أن التراجع عن الموجود في مهنة الخياطة مرده انتشار مشاغل الخياطة التي تزود المحلات بكميات كبيرة من الملابس الجاهزة، وبأسعار زهيدة.

وتقول “عادة ما تلجأ المرأة التي تحب التميز والتفرد إلى الخياطة، رغبة منها بألا ترتدي أي امرأة أخرى ما تلبسه هي”، مؤكدة أن معظم النساء، يفضلن عدم اللجوء إلى الخيّاطة، بهدف التوفير.

ويرى عدد من الخياطين أن المرأة التي تلجأ إلى تفصيل ثيابها هي امرأة استثنائية، يهمها مظهرها كثيرا، وترغب في التميز بلمسات خاصة، فتختار القماش واللون والتصميم، وتحرص على أن لا تلبس امرأة أخرى مثلها.

ومن هؤلاء العشرينية ‘راما ‘، التي تفصل جميع ثيابها لدى خياطة فلسطينية الأصل، مختصة في الخياطة، وبأسعار باهظة. فهي تعمد إلى تفصيل ملابسها لأنها لا تجد ما يناسبها في السوق، نظرا لوزنها الزائد، وإن هي وجدت في السوق مقاسها فلا يخفي اللباسُ جميع الزائد في جسدها، مما يجعلها تختار الموديل المناسب، والقماش الذي يستر جسمها، من دون أي إضافات أخرى، وبموديلات حديثة.

وفي هذا الشأن، يبين الخياط زياد الشامي أن عالم الخياطة في تراجع كبير، والسبب في ذلك هو وجود المحلات التجارية التي تعمل على تزويد السوق بآلاف القطع، ولجميع المناسبات، ولمختلف الأعمار والأحجام، بتكاليف قليلة، مقارنة بتكلفة الملابس التي تفصلها الخياطة.

ويعزو الشامي لجوء بعض السيدات إليه لتفصيل ملابسهن إلى قلة الموديلات الموجودة في محلات الملابس الجاهزة.

ويقول الشامي إنه يسعى لتطوير مهنته وتنويعها حتى تناسب جميع الأذواق، من خلال البحث عبر الشبكة العنكبوتية، للحصول على الموديلات العالمية، وتصميمها كما هي، بأسعار أقل من سعرها الحقيقي.