لكل السوريين

التجربة البرلمانية السورية 11

تقرير/ لطفي توفيق  

تعتبر التجربة البرلمانية في سوريا من أولى التجارب في المنطقة، حيث تم انتخاب أول مجلس نيابي في بلام الشام، التي كانت تضم سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، في السابع من حزيران عام 1919، تحت اسم المؤتمر السوري، وعقد أول اجتماع له في دمشق بمشاركة 85 نائباً، ومثّل أول صيغة برلمانية فريدة من نوعها في الوطن العربي.

وتتالت التجارب البرلمانية في سوريا تحت تسميات مختلفة.

وقبل ذلك، بدأت محاولات أولى للتجربة البرلمانية، ولكنها كانت تتهمش أو تتعطل أو تلغى، بسبب فرمانات الإمبراطورية العثمانية، أو قرارات الانتداب الفرنسي، أو عدم الاستقرار السياسي وتتالي الانقلابات العسكرية في مرحلة الاستقلال وما بعدها.

ورغم قصر هذه التجارب، وتعثرها غالباً، لكنها ساهمت في بلورة العمل البرلماني، وتراكم الخبرات خلال هذه التجارب، قبل أن تصل إلى مرحلة النضج في بعض مراحلها.

 

انتخابات عام 1949

في أول انقلاب عسكري حدث في سوريا، قام قائد الجيش حسني الزعيم الساعة الثانية والنصف من فجر يوم 30 آذار 1949، بقطع كافة أشكال الاتصالات بين سوريا وبين العالم الخارجي.

وقامت وحدات عسكرية بتطويق القصر الرئاسي ومبنى مجلس النواب والوزارات الرئيسية، كما حاصرت مقرات الشرطة والأمن الداخلي والقوات نصف العسكرية المعروفة آنذاك باسم “الجندرمة” التابعة لوزارة الداخلية.

وانتهت عمليات التطويق والاستسلام في جميع هذه المواقع بشكل سلمي ودون مواجهات، وذلك بأمر من الرئيس شكري القوتلي حرصاً منه على عدم إراقة الدماء.

وفي 3 نيسان 1949 أعلن الزعيم حل البرلمان، وألغى العمل بالدستور، حتى يتم وضع دستور جديد للبلاد “يعيد للسوريين حقوقهم وحرياتهم” كما صرح خلال قرار الإلغاء.

وفي السابع عشر من نفس الشهر، شكل حكومة وكلف نفسه بقيادتها، وقال إنها حكومته مؤقتة، مهمتها التمهيد لإجراء انتخابات، وكتابة دستور جديد، ورفضت بعض القوى والتيارات المدنية المشاركة فيها.

وأشرفت هذه الحكومة على الانتخابات الرئاسية، ثم استقالت بعدها حيث استمرت ولايتها لمدة شهرين وبضعة أيام.

وفتح الزعيم باب الترشيح للانتخابات الرئاسية بين 15 – 20 حزيران 1949، ولم يترشح أحد سوى الزعيم نفسه، وللمرة الأولى بتاريخ سوريا، تحوّلت الانتخابات إلى استفتاء بالموافقة أو الرفض على تسلمه منصب رئيس الجمهورية، وتفويضه سلطة إصدار الدستور.

وفي الخامس والعشرين من شهر حزيران عام 1949، جرت الانتخابات وشاركت بها المرأة للمرة الأولى، وكانت أول انتخابات عامة تجري على منصب رئيس الجمهورية في سورية، حيث كان الدستور السوري ينصّ على انتخاب الرئيس في البرلمان، ولكن حسني الزعيم عطّل العمل بالدستور وأجرى هذه الانتخابات.

وحسب النتائج الرسمية أسفرت عن فوز ساحق للزعيم.

وبعد إعلان النتائج، قلّد الزعيم نفسه منصب رئيس الجمهورية رسمياً، وكلّف حسني البرازي بتشكيل حكومة جديدة.

وفي نفس اليوم أجري استفتاء على التعديل دستوري، وتمت الموافقة بنسبة كبيرة حسب السجلات الرسمية.

الانتخابات التشريعية في سورية 1949

وهي سادس انتخابات تشريعية في تاريخ سورية الحديث، فبعد قيام سامي الحناوي بالإطاحة بالزعيم، أعاد الحكم الدستوري، والعمل بدستور عام 1930الذي ألغاه حسني الزعيم.

وفي أول خطوة له، دعا الحناوي إلى انتخاب جمعية تأسيسيّة تمهيداً لوضع دستور جديد للبلاد.

وتمت هذه الانتخابات في 16 تشرين الثاني 1949، كما تمت جولة الإعادة في 25 تشرين الثاني.

وحقق حزب الشعب خلالها المركز الأول، وفاز بـ 63 مقعداً، وفاز المستقلون بواحد وثلاثين مقعداً، والإخوان المسلمون بأربعة مقاعد، وفار كل من الحزب العربي الاشتراكي، والحزب السوري القومي بمقعد واحد، وقد قاطعت الكتلة الوطنية هذه الانتخابات.