لكل السوريين

الانتخابات النيابية اللبنانية.. هل يغير الناخبون المغتربون نتائجها

تقرير/ لطفي توفيق 

حتى الآن، لا تزال الانتخابات النيابية اللبنانية قائمة في موعدها المقرر في السابع والعشرين من شهر آذار القادم، في ظل أزمات مستعصية ومفتوحة على كافة الاحتمالات.

ومع إقبال اللبنانيين المقيمين بالخارج على تسجيل أسمائهم للمشاركة في هذه الانتخابات،

ومع إصرار المجتمع الدولي على أنها ضرورية لإعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطنين، والبدء بعملية الإصلاح، مازال التخوف من عدم إجراء هذه الانتخابات في موعدها قائماً، واحتمالات تأجيلها تلوح بالأفق.

كما تسود المخاوف من تأثير الأزمة الاقتصادية التي يمرّ لبنان، على تعاطي الأحزاب السياسية مع الملف الانتخابي، وانتشار ظاهرة الرشوة العينية والمطلبية لشراء أصوات الناخبين.

وتتفاقم هذه المخاوف في ظل تعالي الخطاب الطائفي والمذهبي، واستمرار الفلتان الأمني، وهي مؤشرات سلبية يمكن أن تنعكس على اختيار الناخبين، كما يمكن لأي مشكلة أمنية أن تعرّض العملية الانتخابية للتأجيل.

كما تواجه السلطات في لبنان تحدياً كبيراً من خلال التحضير للانتخابات في وقت قصير، إضافة إلى تخوفها من الطعن في الموعد المحدد لها، في ظل الأزمات الكبيرة المتجذرة والمتجددة في لبنان.

أعداد فاقت التوقعات

سجل نحو ربع مليون لبناني من المقيمين في الخارج أسماءهم للمشاركة في أول انتخابات برلمانية مقررة بعد احتجاجات عام 2019، وبعد أن عصفت بوطنهم أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخهم الحديث.

وأعلنت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية نهاية مهلة تسجيل اللبنانيين غير المقيمين بالأراضي اللبنانية للاقتراع في الانتخابات، وذكرت أن عدد المسجلين “فاق كل التوقعات”.

ومع أن نسبة المسجلين قليلة، مقارنة بأعداد المغتربين اللبنانيين المقدرة بعدة ملايين، يرى متابعون للشأن اللبناني أن تزايد أعدادهم عن الانتخابات السابقة التي جرت عام 2018، مؤشر على تعلق المغتربين بوطنهم، ورغبتهم الشديدة بالمشاركة في العملية السياسية، في وقت يعاني وطنهم سلسلة من التحديات المحدقة به على الصعيد المالي والسياسي والمعيشي.

وبعد الانتهاء من التدقيق في لوائح المسجلين، ستصدر وزارة الداخلية القوائم الانتخابية الأولية ليتم تعميمها بواسطة البعثات الدبلوماسية، على المغتربين للتأكد من صحة القيود والبيانات.

آمال ومخاوف

يعول كثيرون داخل لبنان وخارجه على أن تكون انتخابات 2022، فرصة لإحداث تغيير جدي قد يساعد في انتشال البلاد من أزماتها المتشابكة، رغم أن الخلافات لم تحسم بعد بين القوى السياسية حول إجراء هذه الانتخابات في آذار المقبل.

وما زال الطعن القانوني الذي تقدم به تكتل “لبنان القوي” التابع لحزب التيار الوطني الحر، مطروحاً أمام المجلس الدستوري للبت فيه، حيث يفضل الحزب تأجيل الانتخابات إلى شهر أيار 2022 لتكون الأحوال الجوية أكثر ملاءمة للناخبين المقيمين في أوروبا والولايات المتحدة وكندا، حيث يتواجد عدد كبير من المهاجرين اللبنانيين.

ويأمل الكثيرون أن تغير أصوات الناخبين المغتربين نتائج الانتخابات في أكثر من دائرة انتخابية.

بينما تسود مخاوف من أن تشهد الانتخابات المقبلة أخطاء وثغرات، كالتي حدثت خلال تصويت المغتربين في السابق، وتحد من قدرتهم على التأثير في النتائج بشكل فعال.

ويذكر رئيس “المنتدى اللبناني للهجرة والتنمية”، أن من بين تلك الثغرات التفاوت الكبير في أعداد مراكز التصويت بين دولة وأخرى، واختفاء عدد كبير من أسماء المواطنين المسجلين، والاختلاف في البيانات المعلنة لأسماء الناخبين.

ويأمل أن تعالج السلطات اللبنانية تلك الثغرات قبل موعد الانتخابات القادمة.

عون يحذر

دعا رئيس الجمهورية ميشال عون اللبنانيين أن يجعلوا من صندوق الاقتراع سلاحهم ضد الفساد والفاسدين، ولفت إلى إن الفساد المتجذر بكل مفاصل الدولة يسعى أربابه بالتكافل والتضامن لضرب أي محاولة للإنقاذ.

وحذر من أن “الاستغلال السياسي للأزمات، لن ينتج إلا مزيداً من التأزم والتشرذم”، مضيفا أن “المخرج من أزمة توقف الحكومة التي اختلط فيها القضاء بالسياسة ليس بمستعص”.

وحذّر عون في كلمته بمناسبة ذكرى استقلال لبنان، من استمرار هذا الوضع، ونوّه  إلى أن حل الأزمة موجود في الدستور الذي ينص على الفصل بين السلطات، وترك “ما لقيصر لقيصر وما لله لله”.

يذكر أن لبنان يشهد أزمة اقتصادية حادة منذ نحو عامين صنّفها البنك الدولي بين الأزمات الأسوأ في العالم منذ عام 1850.

فاللبنانيون عاجزون عن سحب أموالهم من المصارف بسبب قيود ناتجة عن شحّ في السيولة، وسعر صرف الليرة اللبنانية متدهور بشكل غير مسبوق، ومعظم اللبنانيين أصبحوا تحت خط الفقر، حسب إحصائيات دولية موثّقة.