لكل السوريين

الحرب السورية تلوث التربة أيضاً

حماة/ جمانة خالد

كل ما عاناه السوريون من الحرب لم يكن كافياً لملء قامة المآسي التي كابدوها خلال السنوات الماضية، ولتبدأ مخاطر أخرى متعلقة بالمناخ والبيئة تلوح في الأفق وتحيط بهم من كل الأطراف، حيث فاقمت الحرب من مشكلتها وزادت من درجة تأثيرها وخطورتها.

أدت الأعمال العسكرية بالدرجة الأولى إلى زيادة نسب التلوث البيئي في سوريا، وأثرت بشكل مباشر على نوعية المياه والهواء والتربة، إضافة إلى تخريب الغطاء النباتي، الأمر الذي اشتكى منه مزارعي سهل الغاب.

حيث كشف بشير نعسان وهو مزارع من سهل الغاب عاد لأرضه بعد أن هجرها لثلاث سنوات، بشير قال أن إنتاج أرضه تراجع بشكل كبير عما كان عليه قبل أن يهجرها بفعل الأعمال الحربية التي دارت في البلاد.

وتساهم المواد المتفجرة الناتجة عن الأسلحة التقليدية سببت تلوث المياه والتربة بمواد كيميائية، إضافة إلى ما تنشره من دخان يلوث الهواء وحرارة عالية تحرق التربة وتجعلها غير صالحة للزراعة، فضلا عن بقايا المحروقات المستخدمة في الآليات العسكرية، ودور هذه الآليات في تخريب التربة خلال سيرها في المناطق الزراعية.

كما إن مياه الشرب تلوثت نتيجة توقف محطات معالجة مياه الصرف الصحي، ما أدى إلى تلويث المياه السطحية والجوفية، وزيادة استخدام مياه الصرف غير المعالجة في الزراعة وأدى ذلك إلى تلويث التربة والمزروعات والتسبب بأمراض نقلتها المياه.

فمواد البناء تحتوي على مواد كيميائية ومعادن ثقيلة خطرة ومسرطنة تسربت إلى التربة، نتيجة احتراقها بدرجات حرارة عالية، وهو ما يهدد بآثار طويلة الأمد على التربة ومصادر المياه والغذاء.

الخراب البيئي الذي لحق بالبيئة السورية بدأ يظهر كمأساة مدمرة أخرى، وإن كانت لا تزال أقل وضوحاً الآن، بحسب مواقع أبحاث.

وتؤدي التربة الملوثة والمياه الآسنة إلى تفاقم المعاناة الشديدة للمدنيين السوريين، كما تقوض قدرتهم على تلبية حاجاتهم الأساسية وتهدد مستقبل البلاد بعد الحرب، وفي حين أن الحرب في سوريا لم تنتهِ بعدُ، فإن الخسائر البيئية الشديدة سوف تُشكل تحديات كبيرة أمام تعافي البلاد عندما يتوقف القتال في نهاية المطاف.

وأدى ارتفاع درجات الحرارة وحرائق الغابات المتكررة، وقطع الأشجار من أجل التدفئة، إضافة إلى شح المياه، إلى جفاف التربة، إذ ساهم تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة إلى انخفاض مستوى نهر الفرات وجفاف أحد السدود السطحية في الشمال السوري.

ويصنف مناخ سوريا بأنه قاحل إلى شبه جاف، نسبة الصحراء تبلغ نحو 55 بالمئة من مساحة البلاد، ويتفاوت معدل هطول الأمطار بين 1400 ملم سنوياً في المنطقة الساحلية، وأقل من 200 ملم سنوياً في البادية، وتعاني أكثر من 90 بالمئة من الجغرافيا السورية من معدل أمطار يقل عن 350 ملم سنوياً، وهو معدل منخفض.

وبالإضافة إلى العوامل المناخية، أدى سوء إدارة الموارد المائية والخلل في شبكات مياه الشرب والري، إضافة إلى استنزاف المياه الجوفية والاعتماد بشكل كبير على المحاصيل المروية، إلى تفاقم مشكلة الجفاف.

ويعتبر الجفاف سبباً رئيسياً لتدمير المحاصيل الزراعية وتهديد الأمن الغذائي للسكان، وانعدام الاستقرار الاقتصادي، والنزوح السكاني، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتأثيره الكبير الثروة الحيوانية