لكل السوريين

الاختلاف في الرؤى بين جيلين

كثيراً ما نستذكر قضية مهمة جداً ألا وهي صراع الأجيال سيما بين الآباء والأبناء، ويعرف علماء الاجتماع ان مرد ذلك هو الاختلاف في النظرة والرؤى بين هذين الجيلين، وهما جيل الشباب وجيل الكبار، وتعتبر هذه القضية من أهم القضايا الشائكة، ومع انتشار وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، إضافة للتطور والانفتاح الذي أصاب المجتمع.

في هذا الفضاء الواسع ظهرت وبرزت المشكلة هنا بين جيل الكبار من الاباء المتزمتين والمحافظين على العادات والتقاليد  القديمة التي وجدوا أنفسهم عليها عاكفون، وجيل من الشباب، هذا الأخير نشأ في رحابِ وظلِ تطور وانفتاح اجتماعي وثقافي واسع، وبالتالي رفض كل التقاليد والموروثات القديمة، إلا ان المشكلة لم تتوقف عند حد الاختلاف بل وصل الأمر إلى حد الصراع، إذ أن جيل الكبار الذين هم الآباء يتهم جيل الشباب الذين هم الأبناء بالجهل والسطحية  في ممارسة عادات اجتماعية، في حين يتهم هذا الشاب الأخير سابقه الكبير بتمسكه بثقافة بالية وقديمة وعدم قدرته على مواكبة ومعايشة المتغيرات التي تعتري المجتمع، تماماً كما يحدث اليوم في المجتمع الرقي بشكل خاص والمجتمع السوري بشكل عام هذا هو نتاج المرحلة السوداء التي مرت وتمر بها سورية.

وبشكل عام وتجاوزاً للخصوصيات المجتمعية، فإن القضية عامة في المجتمعات المشرقية وأنها تنسحب على جميع المراحل التي يمر بها الشاب عبر مسيرته الحياتية، لتشكل ثنائيات متناقضة أبطالها هم ” الأب والابن والأستاذ والطالب”. أن مثل هذه المشكلة التي هي صراع الأجيال قديمة جداً، فقد عرفها الإنسان منذ القِدم بكل جوانبها سواءً الإيجابية أو السلبية، وتبرز هذه القضية الشائكة في الفترات التي تكون فيها تغيرات الأنماط الثقافية والاجتماعية حادة، بحيث تكون ردات الفعل كثيرة حتى أنها تكون في بعض الأحيان ذاتية.

إن هذا التنافر الذي يكون على شكل صراع بين جيلين، يبرز بشكل أساسي في العلاقات بين أرباب الاسر والابناء ضمن الأسرة التي هي تشكل البنية الأساسية والرئيسة للمجتمع، حيث ان كل جيل من هذين الجيلين له منطلقاته الفكرية التي تحدد نظرته إلى الحياة، وضمن سياق التطور الاجتماعي العام، فإن الخلاف هنا هو خلاف طبيعي شريطة أن لا يتحول إلى حالة مأسوف عليها أي إلى نوع من الصراع والتنافر.

ولرأب الصدع بين الآباء والأباء أو جيل الكبار وجيل الشباب، لا توجد مشكلة دون حل، فينبغي تفهم وجود المشكلة والسعي في حلها. ولتقليص الهوة، والتعايش بين الأجيال المختلفة ينصح:

– هنا يحتاج الوالدين تفهم أساس المشكلة وتقبل اختلاف طريقة تفكير أبنائهم. وتشجيعهم على التعبير عنها دون وجل أو خوف.

– على الآباء إيجاد وقت محدد للاستماع إلى الأطفال. كيف يرون العالم من حولهم ورؤيتهم لوالديهم وتعبيرهم عنها. وذلك لدعم ثقتهم بأنفسهم.

– ولتقليص الفجوة بين الأجيال. تخصيص وقت كل يوم للتواصل والتشاور مع الأبناء لأن باب التواصل مع الابن، يجعل هذا الباب مفتوحاً على مصراعيه.

– ما سبق من نصائح تساعد الآباء على فهم الأبناء وكما قال أحد الفلاسفة:( إن تفتح الذهن والتواصل وحسن الاستماع، يصل بالوالدين إلى وضع أنفسهم مكان الصغار، واختبار المشاعر التي يمرون بها). حقيقة الأمر المراد هو فهم طبيعة حقيقة الاختلاف والوصول إلى مكان وسط يشعر فيها الكل بتقبلهم (أباء وأبناء) دون إكراه او إصدار أحكام.