لكل السوريين

التجربة البرلمانية السورية ’’5’’

تعتبر التجربة البرلمانية في سوريا من أولى التجارب في المنطقة، حيث تم انتخاب أول مجلس نيابي في بلام الشام، التي كانت تضم سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، في السابع من حزيران عام 1919، تحت اسم المؤتمر السوري، وعقد أول اجتماع له في دمشق بمشاركة 85 نائباً، ومثّل أول صيغة برلمانية فريدة من نوعها في الوطن العربي.

وتتالت التجارب البرلمانية في سوريا تحت تسميات مختلفة.

وقبل ذلك، بدأت محاولات أولى للتجربة البرلمانية، ولكنها كانت تتهمش أو تتعطل أو تلغى، بسبب فرمانات الإمبراطورية العثمانية، أو قرارات الانتداب الفرنسي، أو عدم الاستقرار السياسي وتتالي الانقلابات العسكرية في مرحلة الاستقلال وما بعدها.

ورغم قصر هذه التجارب، وتعثرها غالباً، لكنها ساهمت في بلورة العمل البرلماني، وتراكم الخبرات خلال هذه التجارب، قبل أن تصل إلى مرحلة النضج في بعض مراحلها.

التجربة البرلمانية في ظل الاستعمار الفرنسي 3

فور تشكيلها من قبل المجلس التأسيسي، باشرت اللجنة الدستورية بصياغة مسودة الدستور.

وحسب تصريحات أعضاء منها، استرشدت اللجنة في عملها آخر الإنجازات في مجال التشريع، ودرست دساتير الكثير من البلدان سعياً منها لأخذ كل ما هو مفيد للدستور السوري، مع مراعاة تقاليد الشعب السوري.

وحرصت على ضمان حرية واستقلال ووحدة أراضي الدولة السورية، واعتمدت هذه المسودة مبدأ الفصل بين السلطات، ونصت على إقامة مؤسسة السلطة التمثيلية.

وفي 1 آب 1928 وصلت مسودة الدستور إلى المجلس التأسيسي.

وبعد مناقشات طويلة، وفي ظل تدخل مباشر من قبل السلطات الفرنسية، التي طالبت بسحب ست مواد من المسودة تتكلم عن وحدة البلاد وتمثيلها الخارجي وجيشها الوطني وغير ذلك من مقومات الدولة المستقلة.

كما أضاف السلطات الفرنسية المادة 116، التي ألغت عملياً مضمون الدستور بكامله، إلا أن المجلس التأسيسي أقر مع ذلك الدستور السوري.

وفي عام 1930 نشر المفوض الفرنسي الدستور بعد أن أقره المجلس التأسيسي تحت ضغط الشارع والقوى السياسية، ونظمت انتخابات نيابية، بإشراف حكومة سالومياك المؤقتة.

وتم إقرار الدستور، واعتماد اسم رسمي جديد، وعلم جديد، ومؤسستي مجلس نيابي ورئاسة منتخبتين.

قبل أن تعلن السلطات الفرنسية وقف عمل الجمعية التأسيسية، التي لم تجتمع عقب ذلك أبداً.

وألغى الفرنسيون الدستور بشكل عملي أيضاً.

وبدلاً من ذلك فرض المستعمرون على الشعب السوري ثلاث وثائق هي: وضع لواء الإسكندرون، وحكومة الساحل، ودستور حكومة جبل العرب.

وبهذا ألغت السلطات الفرنسية الأحكــام الأساسية المتعلقــة بوحــدة البــلاد وإزالة الانتداب التي كان يضمنها الدستور، وفرضت سريان مفعول الوثائق التي تقيد استقلال سورية، وتبقي على تشتتها الإقليمي، وتمزقها الداخلي.

وفي عام 1932 جرى انتخاب برلمان جديد برئاسة صبحي بركات عقد جلساته في المبنى الحالي للبرلمان السوري، وانتخب هذا البرلمان محمد علي العابد رئيساً للجمهورية.

وابتدأ عمل البرلمان الجديد من محاولة النواب إلغاء المادة 116 من الدستور.

وتابع البرلمان عمله تحت شعار النضال من أجل الاستقلال الوطني وكذلك من أجل استعادة وحدة أراضي البلاد.

ورفض النواب بشكل قطعي سلخ لواء الإسكندرون عن سورية.

كما طرحت في البرلمان مسائل هامة أخرى تتعلق بتنمية البلاد، ومنها معارضة النواب للتعليم في المدارس باللغة الفرنسية، والمطالبة بإعادة النظر في جميع المناهج المدرسية.

إضافة إلى مناقشة البرلمان لمسائل تتعلق بتنفيذ عدد من المشاريع الاقتصادية الهامة، مثل جر مياه الفرات إلى مدينة حلب، وشق طريق من دير الزور إلى الحسكة، ونصب جسور عبر نهري الفرات والخابور وغير ذلك.