لكل السوريين

مجلس الشورى القطري.. من التعيين الكامل إلى الانتخاب الجزئي، ومعارضة شديدة لقوانينه الجائرة

تقرير/ محمد الصالح  

أثارت شروط الترشح والانتخاب لمجلس الشورى في قطر جدلاً واسعاً حول بنود في القانون الانتخابي، تعطي أحفاد القطريين الذين كانوا مواطنين في عام 1930 فقط حق الترشح لعضوية المجلس، وتستبعد العائلات المجنَّسة منذ ذلك العام.

وخاصة الشرط الذي ينص على أن يكون المرشح “جنسيته الأصلية قطرية”، وحرم قبائل وعائلات كبرى من الترشح لهذه الانتخابات، مما دفع بعضهم إلى نشر عدد من الفيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي اعتراضاً على ما وصفوه بـ “القانون التعسفي ضدهم”، كما فعل أشخاص من  قبيلة آل مرة، التي لا تنطبق عليها الشروط المطلوبة.

ومثل هذا الجدل أثاره تقسيم البلاد إلى دوائر انتخابية على أساس قبلي، يفرض على المرشحين خوض الانتخابات في الدوائر الانتخابية المرتبطة بمكان إقامة عائلاتهم أو قبيلتهم في الثلاثينات من القرن الماضي، اعتماداً على بيانات جمعتها السلطات الخاضعة للنفوذ البريطاني آنذاك.

وستقسم البلاد وفق هذا القانون، إلى ثلاثين دائرة انتخابية، وينتخب مرشح واحد فقط لتمثيل كل دائرة منها.

وهو ما يفرض على الناخبين التصويت لمرشحي العائلات، وليس للمرشحين على أساس الكفاءات أو البرامج الانتخابية، ويحرم المرأة من أي فرصة للفوز بعضوية المجلس في أول انتخابات تشريعية في البلاد.

من التعيين الكامل إلى الانتخاب الجزئي

افتتح أول مجلس للشورى في قطر عام 1972، من 45 عضواُ معيناً من قبل حاكم الإمارة، وبعد نشر قانون الانتخابات في أواخر الشهر الماضي، من المتوقع إجراء عملية انتخاب ثلثي أعضائه في تشرين الأول المقبل.

وفي استفتاء أجري عام 2003، وافق القطريون على دستور جديد ينص على إجراء انتخابات جزئية للمجلس الذي كان يجري تعيين جميع أعضائه.

واشترط الدستور أن تكون أعمار المرشحين أكثر من 30 عاماً، وألّا يكونوا من الوزراء أو من أفراد القوات المسلحة، كما منع أفراد العائلة الحاكمة من الترشح، وأعطاهم حق التصويت.

ومع أن القطريين سبق أن أدلوا بأصواتهم حول إصلاحات دستورية، وفي انتخابات محلية لمجالس بلدية، ستكون الانتخابات القادمة أول انتخابات عامة في قطر.

وتم تأجيل هذه الانتخابات التي نص دستور عام 2004 على إجرائها، عدة مرات.

واستمر أمير قطر بتعيين كامل أعضاء المجلس خلال هذه الفترة.

قوانين جائرة

وبعد 17عاماً من الانتظار، أصدر أمير قطر أواخر الشهر الماضي، سلسلة قوانين تنظم إجراء أول انتخابات برلمانية ستجرى في تشرين الأول المقبل.

ومنها القانون رقم 6 الخاص بنظام انتخاب مجلس الشورى، ويحدد الشروط التي يجب توفرها في الناخب، والشروط الواجب توفرها في المرشح لعضوية مجلس الشورى، وآلية إجراء الانتخابات.

وقسم هذا القانون المواطنين القطريين إلى: قطريين أصليين يحق لهم الترشح والانتخاب، وقطريين مجنسين مولودين في قطر وجدهم قطري، يحق لهم الانتخاب ولا يحق لهم الترشح، وقطريين مجنسين لا يحق لهم الترشح ولا الانتخاب.

وفيما يتعلق بشروط الناخب، ينص القانون على أنه “يتمتع بحق انتخاب أعضاء مجلس الشوري كل من كانت جنسيته الأصلية قطرية وأتم 18 سنة ميلادية، ويستثني من شرط الجنسية الأصلية كل من اكتسب الجنسية القطرية، وبشرط أن يكون جده قطريا ومن مواليد دولة قطر”.

أما أبرز الشروط الواجب توفرها في المرشح، فيشترط القانون أن تكون “جنسيته الأصلية قطرية، ولا يقل عمره عند قفل باب الترشح عن 30 سنة ميلادية”.

وأثارت تلك الشروط، ردود فعل غاضبة داخل المجتمع القطري، كونها تحرم الكثير من القطريين من الترشح في هذه الانتخابات.

معارضة شديدة

يرى معارضون قطريون أن هذا القانون تسبب بوجود نزاعات في المجتمع القطري، ويعتبره آخرون بأنه “أوجد كرة لهب قد تكبر وتتدحرج بشكل لا يستطيع أحد ضبطه”.

ويشير آخرون إلى أن قانون الجنسية القطري السابق كان يعطي المتجنس حقه السياسي كاملاً بعد عشر سنوات من تجنيسه، بينما ينسف القانون الحالي هذا الأمر، ويطالبون بوجود سقف زمني إذا تجاوزه المواطن يصبح “مواطنا كاملاً”.

وتداول مغردون مقاطع فيديو تظهر احتجاجات وتجمعات تشارك فيها حشود كبيرة رافضة لقوانين الانتخابات القطرية.

كما بث نشطاء قطريون مقاطع تظهر الاحتجاجات على قوانين الانتخابات، وتنتقد قناة الجزيرة القطرية لعدم تغطيتها ردود فعل القطريين الرافضة لتلك القوانين.

وأشار مغردون قطريون إلى أن تلك القوانين، تثير “العنصرية” داخل المجتمع، وتقيد الحريات، واعتبروا أن توزيع الدوائر الانتخابية غير منصف لأنه تم على أساس قبلي، وهو ما يقلل من حظوظ المرأة وفئات عديدة من المجتمع من الفوز بمقاعد بالمجلس.

وتزايدت حدة الاحتجاجات على تلك القوانين بعد إعلان وزارة الداخلية الجداول الأولية للناخبين، وإرسال رسالة نصية لمن تم قبول قيده كناخب.

قمع المحتجين

وسرعان ما تصدت وزارة الداخلية القطرية لمنتقدي هذا القانون، وذكرت “إحالة الجهات المختصة بالوزارة 7 أشخاص إلى النيابة العامة بعد قيامهم باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في نشر أخبار غير صحيحة، وإثارة النعرات العنصرية والقبلية”، حسب وصفها.

وأكدت الوزارة “عدم تهاونها في اتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من يتبنى خطاباً عنصرياً يستهدف تهديد أمن المجتمع واستقراره وسلمه الاجتماعي”، حسب وصفها مرة أخرى.

فهي ترى في أي نقد للقانون، أو بعض بنوده، خطاباً عنصرياً يستهدف تهديد أمن المجتمع.

وقال معارضون قطريون إن توقيف هؤلاء الأشخاص جاء على خلفية “تعبيرهم عن رأيهم الرافض للقانون الصادر بمنعهم من الترشح للانتخابات، كونهم من أصول غير قطرية”.

وأكدوا أن هذا التوقيف جاء بعد أيام من حملة على موقع “تويتر”، دعا خلالها مغردون قطريون إلى مقاطعة أول انتخابات برلمانية في البلاد، احتجاجا على القوانين المنظمة لها، التي وصفوها بأنها “عنصرية، وغير منصفة”، وستؤدي إلى إنشاء مجلس صوري لا يعبر عن مختلف شرائح المجتمع.