لكل السوريين

الغلاء الكبير يمنع قاطني شمال غربي سوريا من عمران منازل جديدة

دفع الغلاء الكبير في أسعار مواد البناء العديد من أهالي محافظة إدلب شمال غربي سوريا للعدول عن التفكير في تشييد منازلهم، في وقت أجبر فيه البعض على الاضطرار في العيش في منازل إيجار.

وأصبح أمر الحصول على قطعة أرض من وحي الخيال، في وقت تواصل فيه القوات الحكومية بدعم روسي وباتفاق مع الاحتلال التركي في قضم المزيد من الأراضي الخاضعة لسيطرة مرتزقة هيئة تحرير الشام المقربة من الاحتلال التركي.

وقال يوسف، وهو نازح من ريف حماة الشمالي، أنه أقام في خيمة على الحدود السورية التركية، وذلك بسبب عدم قدرته على شراء منزل صغير يقيه وعائلته برد الشتاء وحر الصيف.

ونتيجة الارتفاع الكبير، فضل “يوسف” البقاء في خيمته على بناء منزل، “إذ أن المبلغ الذي كنت أملكه لبناء هذا المنزل لم يعد يكفي لبناء نصفه.”

ويقول “لن أقوم بشراء أي أرض هذا العام في ظل هذا الغلاء الفاحش في أسعار مواد البناء من جانب، وغلاء أسعار الأراضي هنا في شمال غربي سوريا”.

ويضيف “منذ مطلع هذا العام، تشهد أسعار مواد البناء في إدلب، ارتفاعاً متكرراً وكبيراً وصل إلى مستويات قياسية”.

وتجاوز سعر طن الحديد ضعف ما كان عليه العام الفائت 2020، ووصل إلى أكثر من 775 دولاراً، بعد أن كان العام الماضي بنحو 400 دولار، كما ارتفع سعر طن الإسمنت إلى 80 دولاراً بعد أن كان العام الماضي بـ 45 دولاراً.

وتسطير على إدلب شمال غربي سوريا، هيئة تحرير الشام التي تدير المنطقة وأجزاء من أرياف حماة وحلب واللاذقية مدنياً، عبر “حكومة الإنقاذ” التي شُكلت في أواخر العام 2017.

وفي ذلك التاريخ، عقد اتفاق بين هيئة تحرير الشام و”الجبهة الوطنية للتحرير”، نص على جعل المنطقة كاملة تابعة لـ”حكومة الإنقاذ” الجناح المدني للهيئة.

وأدى الارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء إلى عزوف الكثير من السكان والنازحين لا سيما ذوي الدخل المحدود، إلى إيقاف استكمال بناء منازلهم ومشاريعهم التجارية، إضافة لتوقف العديد من ورش أعمال البناء.

حل بديل

وتسبب الارتفاع الكبير بأسعار حديد البناء، إلى توجه الكثير من السكان لاستخدام حديد الخردة الذي يتم استخراجه من المباني المدمرة بفعل القصف وبيعه في السوق السوداء.

ويجري بعدها تجليسه وتعديله بدائياً بواسطة بعض الورش المحلية، إذ يتم بيعه للسكان بأسعار معقولة مقارنة بأسعار الجديد.

وقال سمير الأحمد، وهو من سكان سرمدا، بريف إدلب الشمالي، إن “بناء منزله وسقفه بالحديد المستعمل الذي قام بشرائه من أحد أقاربه بأقل من نصف سعر الحديد الجديد، ومخاطر استعمال الحديد المستعمل خاصةً في المستقبل نظراً لرداءته، إلا أنه لم يكن لديه خيار آخر”.

وبعد نزوح استمر لنحو عام في مخيمات النازحين على الحدود السورية التركية شمالي إدلب، عاد معاذ سميسم، إلى منزله في مدينة بنش شرقي إدلب.

لكنه وجده مهدماً بشكلٍ شبه كامل نتيجة تعرضه لغارة جوية من الطائرات الروسية مطلع العام 2020 إبان الحملة العسكرية لقوات الحكومة على ريف إدلب الشرقي.

وقال سميسم “ليس لدي إمكانية اليوم لإعادة بناء منزلي مثل ما كان سابقاً نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية وقلة فرص العمل.”

وأضاف: “قمت ببناء منزل صغير مؤلف من غرفتين ومطبخ بالقرب من المنزل القديم، حيث قمت بتكسير سطح المنزل المهدم واستخراج الحديد منه ووضعه في المنزل الجديد.”

وتجاوزت تكلفة بناء غرفتين ومطبخ الأربعة آلاف دولار أميركي (12 مليون ونصف المليون ليرة سورية)، وهو مبلغ كبير مقارنة بدخل العامل في إدلب.

وأشار “سمسيم” إلى أنه اضطر أيضاً إلى تخفيف نسبة الإسمنت في البناء، حيث أن سقف المنزل يحتاج إلى ما يقارب 30 كيساً بالأحوال العادية، لكنه اضطر لتخفيف هذه الكمية ووضع 18 كيساً فقط.

“وهو ما يجعل المنزل أقل مقاومة في فصل الشتاء، وسط احتمالية أن تتسرب مياه الأمطار من السقف”، بحسب الرجل.