لكل السوريين

الكرد من أهم أعراق المجتمع السوري

محمد عزو

يتكون المجتمع السوري من عدة طوائف عاشت عبر العصور الماضية حالة من الود والوئام، وتنتمي هذه المكونات إلى ديانات وعرقيات مختلفة، ساهم كل منها في بناء الحضارة السورية المجيدة، ومن هذه المكونات الكرد السوريين.

والكرد هاجروا إلى الرقة من شمال شرق سورية، وسكنوا حياً خاصاً بهم يقع شمال المدينة يسمى بحي الأكراد، وذلك بعد توسع السكن خارج أسوار مدينة الرقة الأثرية، والأكراد هم شعب آري قديم، حافظ على استمرارية وجوده عبر العصور التاريخية، وقد لمع نور وجوده في منتصف الألف الثاني قبل الميلاد (الحضارة الميتانية- الهورية)، وأثناء مسيرتهم التاريخية عاشوا مع العرب، والآشوريين، والآراميين، وغيرهم من الأقوام السامية الأخرى، فصقلوا شخصيتهم فتكونت لهم صفات ثقافية ونفسية ميزتهم عن السلالات الأخرى، وتجدر الإشارة هنا أن الشعب الكردي يمتلك شعور عالي بالانتماء للقبيلة، وقد امتاز هذا الشعب بالصدق والاخلاص والاحترام اللامتناهي للمرأة والثأر، وهم يشتركون مع العرب في حبهم وتقديرهم للضيف، وهم شجعان لا يهابون الموت، وللكرد صفات امتازوا بها في حياتهم الاجتماعية القبلية منها :

آ- تقديرهم والتفافهم حول القائد والزعيم

ب – الطاعة المطلقة لرؤسائهم، كون الرؤساء عندهم فرسان وأبطال مقاتلون.

د – وهناك ملاحظة جديرة بالاهتمام، وهي أن الكرد في منطقة الجزيرة الفراتية ومنها الرقة والرها وديار بكر يتكلمون (لهجة الهورومكي او الزازا) بالإضافة إلى لهجة الكوراني) @- (عبد الحميد الحمد، محمد، عشائر الرقة والجزيرة، دمشق.2003م).

والأكراد بشكل عام في الجزيرة الفراتية وفي الرقة معظمهم مسلمون، أما الأمراء منهم وطبقاً لما ورد في كتاب (شرف ناما) فهم من أصول “آزيدية”، حيث أنهم ظلوا يتمسكون بعاداتهم القديمة حتى بعد اسلامهم.

بعد معاهدة (كوجك كينارجة) سنة/1774/م، بدأت تظهر طموحات بتكوين إمارات خاصة ببعض الشخصيات ومنهم المدعو (علو باشا السويركلي)، وعندما أوكلت الدولة إلى (علو باشا) أمر إصلاح أحوال ولاية أورفا، لكنه لم يفلح في ذلك، فرحل عنها في عام/1796م/ بمعاونة والي الرقة وأورفا ( تيمور باشا بن كلش عبدي)، وتيمور باشا هو من أهالي بلدة ( قباحيدر) الاورفلية، وعين على ولاية حلب عام/1787/م، لكنه سرعان ما عاد إلى ديار بكر، ثم أنه فكر في تكوين جيش من الكرد والعرب باسم هزار ملة وأصبح يعرف بتيمور المللي منذ عام/1791م/ وخص نفسه بمجلس شيوخ سمي ب(كم نقش) أي مجموعة الأختام مؤلف من ثلاث فصائل هي: – الأكراد من شيوخ الشيخان  – ومن الأزيدية من وجهاء السرفيان والخالدان والدنادان ومروان وعلى رأسهم عائلة حسين القنجو.

ومن العرب الجبور والشمطة والعدوان والقراجة وغيرهم. من البقارة والكواويس وعلى رأسهم عائلة( الاوسو) أكراد الرقة. وحدث أن كانت هناك مشاكل بين تيمور باشا والدولة العثمانية على أثرها هرب تيمور باشا إلى الجبال تاركاً عبء الجيش على أخيه ابراهيم باشا، الذي تصالح مع الجيش العثماني، وعلى أثر وساطة حاكم ماردين آنذاك تم العفو عن تيمور باشا.

وفي مرحلة الإعمار والاسكان في الرقة بعد عام -1860/م هاجرت مجموعات من الكرد إلى جانب الأكراد الملية إلى الرقة، والكرد الذين هاجروا إلى الرقة مؤخراً ينتمون في أغلبيتهم إلى (قبيلة الملية، وحلف البرازية، وعشائر الكيتكان، والبيجان، والبيشالتيان، والعيلدين،وسوركليان).

والكرد في الرقة أسهموا بالتعاون مع أخوتهم من العرب والمكونات الأخرى في بناء الرقة، وكانوا يتوافدون من شمال الرقة، وكانوا من المخلصين في عملهم وهي ميزة يشهد بها الجميع، وحدث تزاوج ومصاهرة بين الكرد والعرب من اهل الرقة.

وقد مارس الكرد في الرقة طقوسهم وثقافتهم اللامادية من فلكلور وعادات وتقاليد وحافظوا عليها مثل طقوس الأعراس وهي تتقاطع قليلاً مع طقوس الأعراس الرقية.. وتاريخياً مارس الشعب الكردي أدبه الشعبي المدون، ويعد “ملا أحمد جزيري”، الذي عاش في القرن الحادي عشر ميلادي (1055- 975) م، أحد المبكرين في وضع البداية لتدوين وكتابة الثقافة الكردية وأرشفتها، وكان للمغنين والرواة الكرد الفضل الأكبر في الحفاظ على موروثهم الثقافي اللامادي الشعبي من الضياع والإندثار.

ومن الأسماء اللامعة في الحفاظ على الموروث الثقافي الكردي، أذكر راوي القصة الحكواتي “جبروكبيج”، والمغني (دنكبيج).

فهما الرائدان في الأدب الشفهي الكردي، لأنهما ينقلان صورة حقيقية ومتنوعة عن بلاد عانت الكثير من سيطرة الطبقات الحاكمة ومن النزاعات العشائرية. كان التراث والأدب الكردي مرآة عكست روح الشعب الكردي المكافح ومزاجه وتاريخه، وفي العصر الحديث برزت أسماء لامعة في الرقة من الشعراء وعباقرة الفن التشكيلي وعلى رأسهم الشاعر عمر بوزان، والفنان العالمي عنايت عطار، والفنان التشكيلي علي شيخو برازي، والفنان التشكيلي المتألق خليل حمسورك.