لكل السوريين

“صناعةُ الخناجر”.. المهنةُ الأكثر عراقةً في حمص

حمص ـ نور الحسين  

هي المدينة العريقة التي مرّ عليها أعظم وجوه وحقبات التاريخ، حمص منبع الحضارة وحضن المهن والحرف التراثية الأصيلة، التي تربّع على عرشها حرفة تراثية بامتياز رافقت حاجة الإنسان إلى سلاح يدافع به عن نفسه في زمن لم تكن فيه الأسلحة المعروفة اليوم قد ظهرت، وهي حرفة متوارثة أباً عن جد.

“صناعة الخناجر” صناعة عريقة عُرفت بها مدينة “حمص” في الماضي، وظلت هذه المدينة تفاخر لوقت طويل مثل “دمشق” بما يُصنع فيها من السيوف والخناجر والرماح المحلاَّة البراقة والمزخرفة التي تكتب عليها آيات وأشعار بماء الذهب.

وكانت صناعة الخناجر في الماضي سلعة رائجة في هذه المدينة لكونها قطعة أساسية يحملها الرجل للزينة أو للاحتراز من اللصوص وقطاع الطرق وخاصة بالنسبة للمسافرين، ثم تراجعت فترة من الزمن لعدم توافر المواد الأولية ولانحسار الطلب عليها من جهة ولظروف صناع هذه الحرفة التي يستغل معظم أربابها من التجار والسماسرة أرباحها من جهة أخرى، إلا أنها عادت إلى دائرة الاهتمام حالياً نتيجة الإقبال على شرائها من قبل أبناء البلاد والعرب والأجانب ليس بغرض استخدامها كسلاح بالطبع ولكن للاحتفاظ بها كقطع تقليدية جميلة وتراث قديم تزيّن به جدران البيوت وفاترينات التحف.

“أحمد الشيخة” فنان حمصي شاب يعمل منذ سنوات في مجال تصنيع الأسلحة التراثية القديمة وإحياء صناعتها ومنها صناعة الخناجر التراثية التي تحولت بين يديه إلى قطع فنية تنطق بالجمال والإبداع حول عمله في هذا المجال يقول: «من المعروف أن العرب قد زخرفوا السيوف والخناجر منذ الجاهلية،

ونقشوا على نصالها بعض الرموز والطلاسم كرسم الأفاعي التي جاءت على شكل (ذي الحيات) وصورة السمكة التي وردت على شكل (ذي النون) – الحوت، وفي العصر الإسلامي زُخرفت السيوف، والخناجر بالآيات القرآنية والعبارات المختلفة وأبيات الشعر الحماسية، وأسماء الخلفاء والسلاطين وأسماء الصَّناع الذين نفذوها، وبعض الطلاسم وغيرها، ومن هذا التراث استفدت وأثريت تجربتي، حيث اعتمدت على طرق عدة في صناعة السيف كـ (التزميك) و(التكفيت ) و(التنزيل) وقمت بزخرفة شفرات الخناجر بآيات قرآنية من مثل (نصر من الله وفتح قريب) (وبشر المؤمنين) و(إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) كما نقشت عبارات (الدنيا ساعة فأجعلها طاعة) و(العز في الطاعة والغنى في القناعة)».

بدوره، أكد “فؤاد جمران” رئيس اتحاد الجمعيات الحرفية في “حمص” لصحيفة محلية، أنه يجب أن تكون للجمعيات الحرفية المتبقية سوقاً تراثياً يعبر عن هوية المدينة وما تشتهر به من أجل إعادة إحياء المهن التقليدية والمحافظة عليها وتقديم الدعم للحرفيين وتقديم التسهيلات التي تضمن استمرار عملهم وإعفاء منتجات هذه المهن وأصحابها من الضرائب والرسوم.

وإن هذه الصناعات تسهم وبشكل كبير في تطوير وتفعيل السياحة فهي مهن فنية وإبداعية من خلال احتوائها على الألوان والزخرفات والتصميمات التي تحمل الطابع الراقي والبسيط والجميل في آن واحد وتعبر عن الحضارة والعراقة فلا بد من حمايتها ودعمها من الجهات الحكومية وهذا ما تفتقده حقيقةً كي تبقى محافظة على دورها خوفا من ضياعها بشكل كامل.