لكل السوريين

العنف الأسري يحول بيوت العاصمة لمكان “خطير جدا”، والمرأة الأكثر تعرضا للانتهاك بحسب الصحة العالمية

السوري/ دمشق ـ تحولت البيوت إلى “مكان خطير جداً “لضحايا العنف الأسري خلال جائحة كورونا، والتي شكلت بيئة خصبة لنمو مشاعر الخوف والقلق والإحباط والغضب، التي يدفع ثمنها النساء والأطفال، باعتبارهم الحلقة الأضعف داخل الأسرة، وفي ظل المكوث لوقت طويل في المنزل، أصبحت النساء وكذلك الأطفال تتعرض لعنف أكثر من السابق، ومنهم من تعرض لعنف أسري للمرة الأولى نتيجة للضغوط النفسية المُستجدة في ظل الجائحة.

ووفقاً لتقرير أعدته منظمة الصحة العالمية، بعنوان “كوفيد-19 والعنف ضد المرأة في إقليم شرق المتوسط”، أن الإقليم يأتي في المرتبة الثانية على مستوى العالم من حيث انتشار العنف ضد المرأة (37%)، وأن هناك زيادةً في حالات العنف خلال الجائحة بنسبة تتراوح من 50% إلى 60% بناءً على مكالمات الاستغاثة التي تُجريها النساء عبر الخطوط الساخنة لمنظمات المرأة.

في دمشق وريفها تعاني المرأة من أشكال عديدة من سوء المعاملة في حياتها اليومية، وعلى الأصعدة كافة. وقد ساهمت مجموعة من العوامل والأسباب الاجتماعية في تكريس السلوك العنفي ضد المرأة، مثل القيم الاجتماعية التي تعترف بدونية المرأة مقابل الرجل، أو أنها تحتاج دائماً إلى من يحتويها، وبالتالي توجيهها وتأديبها كمقدمة للسيطرة، مما جعل بعضهن يصلن إلى حد قبوله والتعاطي معه على أنه من الأمور المقبولة اجتماعياً.

“ريم الباسط” وهو اسم مستعار لسيدة تقطن في حي ” المزة بساتين” وتبلغ من العمر 32 عاماً، وأم لثلاثة أولاد، تقول: ” في إحدى المرات وبينما كنت اتواصل مع معلمة لتقوم بتدريس ابنتي في المنزل، طلبت أن اصطحبها إليها، وعندما ذهبت برفقة ابنتي إلى بيت المعلمة، قام زوجي بضربي، متذرعاً أنني استخدمت ابنتنا كحجة لخروجي من المنزل قائلاً ” بدك تفلتي ولقيتي حجة”، رغم أنني نادراً ما أخرج من المنزل وبرفقته”.

وتضيف” لا أستطيع أن أخبر أحد أو التجأ إلى عائلتي، ومن اخبرتهم سابقاً، وجهوا اللوم لي وكأنني قمت بخطأ لا يغتفر”.

وقد أشارت تقارير حقوقية وأممية إلى أن الكثير من النساء اللواتي تعرضن للعنف وحاولن الهروب، وجدن أنفسهن أمام طريق مسدود، ففي النهاية يلقى اللوم على الضحايا، مما يؤدي إلى إصابتهن باضطرابات نفسية جراء العنف، تظهر في صورة فقدان ثقة بالنفس، وتتضاعف إلى حالة قلق دائمة أو اكتئاب حاد.

وبحسب ” نورث برس “، المحامي “مهند مرتضى، قال مشيراً إلى أن القانون لا ينصف المرأة، “إن قانون العقوبات السوري لا يجرّم العنف الأسري بشكل واضح، ولم يحدد له أركاناً مادية ومعنوية، ورغم وجود بعض المواد التي تمس الأسرة، إلا أنها لا تتطرق إلى العنف ولا تنصف ضحاياه، ومع أنه يبدو ظاهرياً شاملاً ويحتوي على الكثير من المواد التي تجرم الكثير من الأفعال، إلا أنه في الحقيقة يفتقر للكثير منها، وأهمها العنف الأسري ضد الأطفال والنساء”.

وفي تعريف العنف المنزلي يحدث بين الأشخاص الذين تجمعهم علاقة حميمية، ويُسمى أيضًا بعنف الشريك الحميم، وقد يأخذ العديد من الأشكال بما في ذلك الإساءة العاطفية والجنسية والبدنية إلى جانب تهديدات الإساءة. وقد يحدث العنف المنزلي في أي علاقة، وتنطوي العلاقات المسيئة دائمًا على اختلال في التوازن بين القوة والسيطرة. يستخدم الطرف المسيء في العلاقة الزوجية التهديد والكلمات والسلوكيات الجارحة للسيطرة على الطرف الآخر.

قد لا يكون من السهل التعرف على العنف المنزلي في البداية. في حين تكون بعض العلاقات مسيئة بشكل واضح منذ بدايتها، فالإساءة تبدأ عادة بالخداع وتزداد سوءاً بمرور الوقت.

تقرير/ روزا الأبيض