لكل السوريين

توجه أوربي لـ “لجم” سلوك تركيا العدائي

من سوريا والعراق إلى ليبيا فشرق المتوسط وإقليم آرتساخ، تدخلات النظام التركي التي أوصلت علاقاته مع الاتحاد الأوروبي إلى الحضيض، وجعلته في مرمى عقوبات أوروبية محتملة، قد تزيد الشقاق بين الطرفين، وتجعل حصول أنقرة على عضوية الاتحاد حلماً مستحيل التحقق، ولا سيما في ظل هيمنة حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب أردوغان على مفاصل القرار في تركيا.

فمع استمراره بإثارة القلاقل الأمنية في العديد من الدول الإقليمية، يسعى أردوغان لتكريس القمع لحقوق الإنسان داخل تركيا، ويدير ملف اللاجئين والمهاجرين في بلاده من خلال سياسة تقوم على ابتزاز أوروبا به بين فترة وأخرى.

سلوك يثير امتعاض وحفيظة الاتحاد الأوروبي الذي يرى في تلك الأفعال استفزازات واضحة على أوروبا وقيمها الديمقراطية، فأبدى التكتل استعداده للجوء إلى العقوبات في مواجهة تلك الاستفزازات، وسياسة الأمر الواقع التي تنتهجها أنقرة في عدّة ملفات إقليمية، ولا سيما بمنطقة شرق المتوسط، حيث تواصل أنشطتها غير القانونية في التنقيب عن النفط والغاز.

سياسة دفعت البرلمان الأوروبي للموافقة على قرار غير ملزم، يدعم طلباً تقدمت به قبرص لاتخاذ إجراءات وفرض عقوبات ضد النظام التركي، في خطوة من شأنها دعم مساعٍ فرنسية مماثلة خلال القمة الأوروبية القادمة.

خطوة تأتي وفقاً لرئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، “بسبب استمرار أفعال تركيا الأحادية وخطابها المعادي”، وخاصة فيما يتعلق بتعنّت أردوغان في الاستجابة للمساعي الدبلوماسية من أجل خفض التصعيد في الأزمة مع اليونان، التي يعتزم الاتحاد الأوروبي تقييم الوضع بشأنها خلال قمته المرتقبة في العاشر من الشهر الجاري، والنظر في حزمة العقوبات المحتملة ضد أنقرة.

عقوبات حاول أردوغان تجنّبها بالإيحاء أنّ نظامه تحوّل عن نهجه المزعزع، بالقول إنه يرى “بلاده جزءا من أوروبا، وإن أي مشكلة مع دول أو مؤسسات ما، لا يمكن حلها إلا بالحوار والمفاوضات”، لكن “عضوية الاتحاد ليست مجرد دعوات أو أمنيات”، كما جاء في رد غير مباشر على تصريحات أردوغان صرّح به الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الذي قال إن تركيا يجب أن تفهم بأن سلوكها هو الذي يوسع انفصالها عن الاتحاد، مبيناً أن إعادة العلاقات إلى مسارها تتطلب تغيراً جذرياً في مواقف أنقرة.

إلا أن التغير المنشود في سلوك أنقرة ومواقفها يبدو مستحيلاً، في ظل نهجها “المخالف للقوانين الدولية” كما يصفه وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس، الذي قال إن تركيا تتبنى أحلاماً عثمانية جديدة وسياسات توسّعية، موضحاً أن ذلك غير مقبول بالنسبة لليونان والتكتل.

من جهة أخرى يرى مراقبون أن أردوغان يتعاطى مع الملفات الكثيرة الشائكة بين بلاده والاتحاد الأوروبي من زاوية واحدة في الوقت الراهن، تنحصر في سعيه للحصول على دعم شعبي يعوّض شعبيته المنحدرة في الداخل، وصرف الأنظار عن تدهور الليرة التركية وتفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية، والانتهاكات المتراكمة للحريات الأساسية وحقوق الإنسان.