لكل السوريين

في حمص.. مذاقُ الحلاوة يغلبُ مُر أيامها!

السوري/ حمص ـ إنها الخبزيّة سيّدة الحلاوة الحمصية الأولى، المنتج الخاص الذي تميزت مدينة “حمص” بصناعته منذ مئات السنين، وهي مرتبطة في الاحتفال بعيد خميس الحلاوة “خميس الأموات” كما هي تسميته التاريخية، وهو أحد الخميسات السبع المعروفة في تاريخ المدينة.

وهي حلوى تذوب في الفم بسرعة، تاركة طعماً يشبه العسل، تحتاج حوالي الشهر لتُنتج، وتُصبغ باللونين الأبيض والأحمر، لها أسماء عديدة (حمراء وبيضاء، سيلان بعسل، قرمشلية)، لكنها تشتهر بأنها “حمصية”.

“حسان “، أحد أبناء “حمص”؛ يقول عن “الحلاوة الحمصية”: «لا تجد شارعاً أو حارة في “حمص” إلا فيها محال لبيع “الحلاوة الحمصية”، حيث تكتسي المدينة باللون الزهري والأبيض، كأنها مكسوة بزهور الربيع، وكل زائر أو مسافر يمرّ في المدينة لا بد أن يشتري منها، وتسمى أيضاً “حلاوة خبزية”، وتتميز بمذاقها اللذيذ الذي يشبه العسل، كما أن أسعارها مقبولة مقارنة بغيرها من الحلويات».

ويضيف “فادي” أحد العاملين في محل صناعة وبيع الحلويات الحمصية «الخبزية من أكثر أنواع الحلويات طلباً لما لها من منظر جميل وطعم لذيذ، وهي عبارة عن عجين يتمُّ قليه بالزيت ثم تلوينه بالأبيض والأحمر، وفي المرحلة الأولى من الإعداد نقوم بخلط الطحين الأبيض بمقادير معينة من الماء والملح ليصبح مزيجاً لزجاً، بعدها يسكب بمعيار دقيق على دفعات فوق مقلاة كبيرة، مدهونة بالزيت أو السمن النباتي ومسخنة على النار لدرجة كبيرة، فينتج لدينا رغيف مدور رقيق جداً ننزعه عن المقلاة وننشره حتى يبرد، وتترك جميع الأرغفة يومين أو أكثر لتجف بحسب الطقس، وتترك بعدها 15 يوماً داخل ما يسمى “أكياس السكر”، وهي أكياس من القماش الأبيض لا يدخل فيها النايلون حتى لا تتعفن الطبخة».

ويكمل “المرحلة الثانية تستغرق حوالي اليومين، حيث نخرج الرقائق المكسرة ونقليها داخل وعاء نحاس مملوء بالزيت أو السمن النباتي باستخدام قفص حديد أو كروم (وهو سلة للقلي)، وتترك من جديد لتجف ليوم أو يومين، لتوضع بعدها من جديد في وعاء نحاس آخر ويسكب عليها القطر، ويتم التحريك جيداً مع ضمان عدم الالتصاق القطع بعضها ببعض».

أما المرحلة الأخيرة، تكون بوضع القطع المخلوطة مع القطر على طاولات رخام لمدة نصف ساعة، ثم نصبغ قسماً منها باللون الأحمر والآخر باللون الأبيض، ويعبأ بعدها بالتدريج اللون الأحمر ثم الأبيض ويقفل الكيس حسب الوزن الذي يباع على أساسه».

بدوره يتحدث صاحب أحد المحلات في السوق، الحاج “محمد”، عن أصل الحلاوة وتاريخها قائلاً: «الحلاوة الحمصية أصلها تركي وأول مرة صنّعت فيها كان عام/1850/ في مدينة “عنتاب” والتي هي حتى الآن مقصد كثر ليتذوقوا منتجاتها من الحلاوة، ومنها انتقلت إلى بعض المدن السورية بحسب الصناع الذين اتخذوها مسكناً لهم وحمص واحدة منها وهي الوحيدة التي حافظت عليها لأن إعدادها يحتاج إلى وقت طويل جداً وجهد وصبر، ومع ذلك فهي تباع بأسعار رخيصة نسيباً».

يُشار إلى أنه يقام في “حمص” خميس للحلاوة والذي تقدم فيه جميع أنواع الحلاوة المعروفة، وهو عيد تحتفل به كل الفئات الشعبية في “حمص” منذ زمن بعيد أي من تاريخ صنع الحلاوة، وله تاريخ محدد والذي يصادف يوم “الخميس” الذي يقع قبل عيد الفصح الشرقي بأسبوع، حيث يشتري الناس الحلاوة لبيوتهم وأقاربهم ويوزّعوها على كل من يحبونه ويتذكروه، بالإضافة إلى أن الحلاوة مأكول دائم في “حمص” وهناك كثير من المغتربين الذين يقصدون “حمص” لتذوقها.

تقرير/ حكمت أسود