لكل السوريين

التراث السوري المادي واللامادي..

محمد عزو

التراث في اللغة يعني كل ما ورثناه من الماضي والحاضر عن الأجداد وأصلها من كلمة ورث، وفي القاموس (من ذلك ورثه ماله ومجده)، وهنا فإن الإرث والتراث له وجهين مادي ومعنوي، ومن خلال تعريف التراث في اللغات العالمية الأخرى، فجميعها تجمع على أهمية الأشياء، سواء مادية أو مجردة، التي تذكرنا بالآباء والأجداد أي أنها تربطنا بالأسلاف والتاريخ.

وتعتبر الموضوعات التي تم مناقشتها والحوار فيها منذ فترة ليست ببعيدة، هي موضوعات الحفاظ على التراث بشقيه المادي واللامادي، حيث أن مسالة الحفاظ على التراث، كان وما يزال نواة المفهوم الحديث للتراث العالمي ومنه التراث السوري.

وللتراث السوري أهمية كبيرة بين التراث العالمي، ولذلك لابد من أهمية الحفاظ عليه بشقيه المادي واللامادي، ولأهمية هذا التراث الثقافي السوري ودوره في بناء الهوية والانتماء، نشير إلى أن أهم مكونات  الهوية الثقافية لأي مجتمع كان هي العادات والتقاليد، والتاريخ، والدين، والتربية، وطرق التفكير السائد في المجتمع، وأن هذه العوامل هي ذات أهمية تعتبر جزءا لا يتجزأ من التراث اللامادي المؤثر بشكل قوي في بنية وانتماء الشعوب.

وللتراث أهمية في عكس تاريخ وحضارات الشعوب، وعلى الأخص الأمم التي ليس لها إلا شواهد ضئيلة ومتفرقة، فالتراث في هذه الحالة وبشكل عام، (أنجع وسيلة لصناعة التميز وإبراز الهوية الوطنية والكشف عن ملامح خصوصيتها) في سبيل تغذية العقل الجمعي وشحنه بالقيم، كي يساهم بشكل فعال في تشكيل الوعي العام، ومن هنا نقول، لا بد من الحفاظ على التراث السوري الثقافي ونشره ونقله عبر الأجيال، والمحافظة على إمكانية استمراريته هي مسؤولية الجميع لا يستثنى منها أحد.

لا شك أن التراث الثقافي هو حصيلة جميلة من المتبقيات المادية واللامادية، والتي هي تخص مجموعة موروثة وأجيال سابقة، ومن الضروري بمكان أن يقوم من ذوي الصلة بالموضوع، بحصر المفردات اللامادية والقيام بتوثيقها لاستدامتها وتطوير نقلها للأجيال القادمة.

وبالمقابل هناك مهمة مناطة بالمعنيين الاختصاصيين بتوثيق التراث السوري المادي، على كامل الأرض السورية من شرقها لغربها ومن شمالها لجنوبها، والعمل يشمل التوثيق الكتابي، والتصوير الفتوغرافي، والرقمي، التحليل المخبري، والدراسة المستفيضة، إضافة إلى مرحلة أخرى هي التنظيف، والتثبيت، والإكمال ووضع المقترحات الموجبة، والتوصيات الضرورية لمرحلة ما بعد إنهاء العمل.

وفي أي حالة من الأحوال لا يمكن فصل التراث المادي واللامادي عن بعضهما، وبخصوص تجارب الشعوب في توثيق التراث لابد من الإشارة إلى التجربة الألمانية الرائدة، التي نفذت من خلال جمعية الفلكلور الألمانية بإصدارها لقواميس الفلكلور الألماني ، والحكايات الشعبية للأمة الألمانية، وإصدارها لأرشيف الحكايات الشعبية الألمانية.

وأننا نهيب وندعو إلى توثيق التراث السوري، الذي يشمل القيم والأفكار، والعادات والتقاليد، والحكايات الشعبية لكافة المكن الشعبي السوري بما فيه الأدب الشعبي والحرف، والقيم التراثية، وتوثيق التراث المادي الذي يشتمل على، الآثار الثابتة والمنقولة، والمخطوطات لأن حماية التراث هي قضية استراتيجية بالنسبة لسورية.