لكل السوريين

مخيم مهجري تل أبيض بين مرارة النزوح وآمال العودة

السوري/ الرقة ـ أشار نازحون من أهالي تل أبيض إلى أنهم قاسوا الأمرين لعام كامل من التهجيّر، رغم مساعي إدارة مخيم مهجري تل أبيض لتأمين مستلزماتهم الأساسية، بعد تأسيس الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، ومقاطعة تل أبيض لمخيمهم (مخيم مهجري تل أبيض)، في الثاني والعشريّن من شهر تشرين الثاني من العامِ المُنصرم، شهد خلالها المخيم عدةِ مَراحل وتَوسعات، ويَتطلع المهجرون للعودة إلى ديارهم بعدَ دحر المُحتل التركي ومُرتزقتهُ من أراضّيهم.

وبعد قيام المُحتل التركي ومرتزقته بعدوانهم على مناطق شمال وشرق سوريا في التاسع من شهر تشرين الأول من العام 2019، الأمر الذي أدى لكوارث إنسانية واقتصادية كبرى على مستوى سوريا بأكملها، حيث تسبب العدوان بتهجير ما يُقارب الـ 100 ألف مُهجر الى جانب سرقة مخازن القمح والمحاصيل الزراعيَّة، وسرقة الممتلكات الخاصة والعامة.

إنشاء المخيم

أسست الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا “مخيم المهجرين” بالقرب من بلدة تل السمن في الريف الشمالي لمدينة الرقة، وذلك لاستيعاب أكبر عدد ممكن من المهجرين، واستقال الحالات الإنسانية التي أجبرها العدوان التركي على ركوب سفينة النزوح والتخلي عن مناطقهم.

انطلقت الأليات الهندسية بالعمل على تسوية الأرض المستهدفة (أرض المخيم )، وفرشها بمادة “الكرابية البيضاء”، ومن ثم تأمين الحماية من عناصر القوى الأمنية، والبدء ببناء الخيم، ليتم استقبال الدفعة الأولى من المهجرين، والتي تتألف من (500) خيمة لإيواء الحالات الانسانية الحرجة، والمهجرين الذين لم يجدوا ملاذاً أمناً، الى جانب توفير نقطة طبية تابعة للهلال الأحمر الكردي، وعيادة متنقلة لاستقبال الحالات المرضية والإسعافية، وتوفير الخدمات الأساسية (ماء ـ خبز ـ مواد غذائية)، إلى جانب التأسيس لمدرسة المخيم وتوفير الدعم من قبل الجهات المعنية.

واستطاعت الإدارة الذاتية في المرحلة الأولى باستيعاب عدد جيد من المهجرين، وتوفير الدعم الأساسي لإيوائهم بإمكانياتها المتواجدة، والتأسيس للمرحلة الثانية.

المرحلة الثانية

استكملت إدارة مخيم مهجري تل أبيض المرحلة الثانية من المخيم، ببناء عدد من الخيم الإضافية بعد تأخر استجابة المنظمة الداعمة للخيم ومستلزماتها لفترة.

وباشرت إدارة المخيم المذكور في الخامس من شهر تموز من هذا العام، وبالتعاون والتنسيق مع “مفوضية شؤون اللاجئين” ببناء 250 خيمة، والبدء بالمرحلة الثانية منه لإيواء العوائل التي تم ادخالها من المهجرين بسبب الظروف الإنسانية وصعوبة تدبر أمورهم في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها سوريا بشكلٍ عام، حيث كان أغلبهم يقطنون في مدينة الرقة وأريافها، وقسم آخر منهم فر من المناطق المحتلة بسبب المضايقات، وانعدام الخدمات في المناطق التي يحتلها جيش الاحتلال التركي ومرتزقته.

وجاء استكمال المرحلة الثانية بحسب إدارة المخيم “لاستيعاب دفعة جديدة من المهجرين للأسباب المذكورة أنفاً الى جانب إعداد خطة لمرحلة ثالثة لتوسيع المخيم لاستيعاب موجة أخرى من المهجرين من المناطق المحتلة، الى جانب أسماء عائلات مسجلة تنتظر دورها بعد تنفيذ “مرحلة التوسعة” المقررة، وبسبب الإجراءات الصارمة التي تتبعها إدارة المخيم لمواجهة جائحة كورونا”.

وتتميز هذه المرحلة بتركيز إدارة المخيم على توفير البنية التحتية للمخيم من الناحية الطبية، والخدمية، والتعليمية، وتوفير الدعم اللازم لقاطنيه، إلى جانب تحقيق الاكتفاء الذاتي، والمساهمة بمشروع زراعي يوفر الخضروات بأسعار مناسبة من خلال زراعة الخضروات الصيفية، وتجديد المشروع ليشمل الخضروات الشتوية أيضاً، وفتح المجال للمهجرين للعمل ضمن المخيم، من خلال توفير فرص العمل في المنظمات العاملة ضمن المخيم، أو خارجه وتسهيل ذلك.

وتناشد إدارة المخيم في كل مرة المنظمات الإنسانية والإغاثية على القيام بواجبها اتجاه الأهالي المهجرين من خلال زيادة نشاطها الإغاثي والخدمي، وتفعيل برامج أخرى من شأنها تحسين أوضاع المخيم.

المرحلة الثالثة

ومع تزايد أعداد المهجرين المسجلين في سجلات ادارة المخيم، عملت إدارة المخيم خلال الشهر المنصرم (تشرين الأول)، والشهر الحالي (تشرين الثاني) من العام الحالي على تجهيز البنية التحتية لتوسعة ثالثة لمخيم المهجرين.

وبحسب الرئيسة المشتركة لمخيم مهجري تل أبيض نارين عبد الرحمن بأنَّه سوف يتم استقبال المهجرين بشكلٍ مباشرٍ بعد تجهيز الخيم، ونصبها، وبناء سور خارجي لحماية التوسعة، الى جانب القيام بكل ما يلزم من تجهيزات أخرى”.

وبينت نارين في حديثها” بأن المخيم ليس خياراً دائماً للمهجرين، وإنما هو مرحلة مؤقتة لإيواء المهجرين من المناطق التي يَحتلها جيش الاحتلال التركي والمرتزقة التابعين لها، وأنه لابد من إيجاد حل لهذه المشكلة، وعودة كافة المهجرين الى بيوتهم وقراهم ومدنهم التي سلبت منهم بغير وجه حق”.

وطالبت في نهاية حديثها المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية بضمان عودة آمنة للمهجرين بعد دحر المحتل التركي من المناطق المحتلة، واعتبرته الحل الوحيد لأنهاء معاناتهم.

ومن جانبهم حمَّل كل من المُهجريّن حمد الجاور وياسر محمد بمخيم (مهجري تل أبيض) المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والدول صاحبة التأثير في العالم “المسؤولية”، بعد تهجيرهم من بيوتهم من قبل دولة الاحتلال التركي والمرتزقة التابعين لهم، وطالبوا بطرد المحتل التركي ومرتزقته وضمان عودة آمنة لمناطقهم.

تقرير/ صالح اسماعيل