لكل السوريين

مهجّرو حلب بين فرحة العودة.. وصدمة الدمار في منازلهم

بعد سنوات من التهجير القسري الذي شهدته مدينة حلب، وخاصة في أحيائها الشرقية أواخر عام 2016، بدأت عشرات العائلات المهجرة في العودة تدريجياً إلى منازلها في الأحياء المدمّرة. هؤلاء المهجرون الذين قضوا سنوات طويلة في ريف حلب الغربي والشمالي، وفي مدينة إدلب وأريافها، يعودون إلى مدينتهم التي تركوها وراءهم بأمل كبير، لكنهم يصطدمون بواقع مرير.

وفي لقاء مع “السوري”، تحدثت أم بكري (48 عاماً)، التي كانت قد هجرت من حي الصاخور مع عائلتها إلى ريف حلب الشمالي، عن تجربتها في العودة. تقول: “عدنا لأننا تعبنا من حياة النزوح والاعتماد على المساعدات. هنا بيتنا وذكرياتنا، لكننا نواجه واقعاً صعباً. لا كهرباء، لا ماء، ولا حتى باب يحمي أطفالنا من البرد”.

من جهته، تحدث أبو سليم (55 عاماً) من سكان حي طريق الباب، الذي عاد من إدلب قبل عدة أشهر، عن حال منزله الذي لم يتبقّ منه سوى جدران مدمّرة. “الوضع غير إنساني، لا توجد خدمات، ولا دعم حقيقي لإعادة الإعمار. السلطة تهمل هذه الأحياء وكأننا لسنا جزءاً من هذا الوطن”.

سارة جمول (33 عاماً)، التي عادت إلى حي باب النصر بعد تسع سنوات من التهجير، عبّرت عن صدمتها من حال الحي ومدرستها التي كانت قد أغلقت. تقول: “عدت من مخيمات إدلب بعدما فقدت الأمل في تحسين وضعي هناك، ولكن فوجئت بأن الحي خالٍ من الناس، ومدرستي مدمّرة، لا أعرف من أين أبدأ”.

تواجه العائلات العائدة صعوبات كبيرة، إذ تفتقر إلى أبسط الخدمات الأساسية، فيما يعاني الكثيرون من غلاء فاحش في أسعار مواد البناء وغياب الدعم الحكومي الفعلي لإعادة ترميم المنازل. بالإضافة إلى ذلك، يواجه البعض صعوبة في استخراج الوثائق الرسمية أو إثبات ملكية العقارات التي دُمّرت أو صودرت.

وفي حديث مع أحد نشطاء المجتمع المدني المحلي، أشار إلى أن عدد العائدين يتزايد تدريجياً رغم هذه الظروف القاسية. وقال: “الناس عادت لأنها لم تعد تحتمل حياة النزوح، ولكنهم يعيشون الآن في منازل مدمّرة. هناك حاجة ماسة لخطط جدية لدعمهم، بعيداً عن الشعارات الإعلامية”.

ورغم التحديات الكبيرة، لم تفقد هذه العائلات الأمل. تقول فاطمة في ختام حديثها: “نريد فقط أن نعيش بسلام، بلا خوف، بلا استبداد، بلا حرب. تعبنا، ونستحق حياة كريمة مثل باقي البشر”.

عودة مهجري حلب ليست مجرد عودة إلى منازلهم، بل هي معركة يومية لإعادة بناء حياتهم من فوق الركام، وسط آمال بسيطة بحياة آمنة وكريمة.