لكل السوريين

الأبعاد الاقتصادية والسياسية للقضية الكورنية

حسن مصطفى

لقد بات من المؤكد أن ما تعرض ويتعرض له العالم من ضغوط اقتصادية واجتماعية وسياسية جراء الأزمة الكورونية التي عاشها العالم، والتي طالت أرجاء المعمورة وبنسب وتأثيرات متفاوتة لم ولن يكون محصورا بالجانب الصحي، وإنما سيكون له انعكاسات كبيرة وكبيرة جدا على كافة المستويات.

فبالرغم من النشرات التي تصدر يوميا عن مختلف دول العالم والتي تشير إلى بدء انحسار تأثيره وخطره على العديد من دول العالم وتراجع نسب الوفيات في العالم منها، وكذلك نسب الاصابات وارتفاع معدلات الشفاء منه، والتي تبعث رسائل جدا مهمة ومفيدة ستساعد في التخفيف من حالة الخوف والهلع التي سادت معظم دول العالم، وخاصة الأوساط الشعبية.

وأؤكد على الأوساط الشعبية لأن المتابع الموضوعي لهذه الأزمة وتصريحات الدول الكبرى حولها وتحديدها لفترات زمنية معينة لزوال الخطر منها ولو بشكل جزئي  يشير إلى أن تلك النظم الحاكمة لازالت تعمل ضمن فلك النظام الرأسمالي الذي لم ولن يتورع عن ارتكاب أبشع الجرائم بحق الإنسانية دون الاهتمام بالجغرافية من أجل تحقيق المكاسب الاقتصادية العظيمة جراء استغلال أزمة المجتمع الدولي في مواجهته الأزمة الكورونية.

تلك الأزمة التي كشفت حقيقة لطالما غابت عن أذهان الكثيرين، ومفادها أن الانسان في ظل تلك النظم لا قيمة له، ويمكن التضحية به من أجل المحافظة على مكاسب الشركات والمؤسسات الاقتصادية العابرة للحدود، وللنظم والتي ادارت هذه الازمة الانسانية وبتواطؤ وتماهي من كثير من الانظمة الاستبدادية في العالم من أجل تسويق نظرية الوباء الكوروني والتحذير من مخاطره على الانسان واهمية الالتزام ببرامج الوقاية والمراقبة الصحية.

إضافة إلى أمر مهم آخر بدأت تلوح في الأفق بوادره يشير إلى أن العالم المتقدم مقبل على مرحلة صراع من نوع جديد ستتحدد على ضوء نتائجه خارطة التحالفات الدولية، بعد أن كشفت الأزمة الكورونية هشاشة تلك التحالفات، وزيف شعاراتها، وضعفها البين في مواجهة هذا الخطر.

لذا فإنه لن يكون مفاجئا مستقبلا تبلور حالة التشظي والانقسام التي بدأت بالظهور بين دول الاتحاد الأوروبي جراء الأزمة الكورونية وانتقالها إلى مرحلة التجسيد الحقيقي على الأرض من خلال ظهور تكتلات وأحلاف جديدة ستظهر على الخارطة الجيوسياسية العالمية.

إضافة إلى ما ستشهده قاعات المحاكم الدولية من نزاعات ودعاو قضائية بين الدول على خلفية الاتهامات التي بدأت الدول تكيلها لبعضها البعض من أجل الحصول على التعويضات المالية الكبيرة، جراء تسبب بعض هذه الدول بهذه الأزمة كما تروج له وتسوقه الوسائل الإعلامية المختلفة لتلك الدول.

وجراء كل ذلك الصراع والتناحر الذي سيشهده العالم فإنه من المؤكد أن ذلك سينعكس سلبا على مجمل الوضع الاقتصادي العالمي وسيستمر ذلك التأثير لفترات زمنية مهمة، وعلينا من الآن أن نتهيأ لذلك.