لكل السوريين

هربت من بطش أبيها فوقعت فريسة تاجر المخدرات

السوري/ إدلب – جريمة أخرى تضاف إلى سجل ضحايا العنف الأسري دون ضابط أو رادع، والمبرر حاضر دائماً العادات والتقاليد.

إن غياب القانون في ظل الأحداث الجارية في سوريا وتحديداً في إدلب، جعلت من الفوضى والفساد عنواناً عريضاً في حياتنا اليومية، لا قانون يحمي المجتمع تحت أي مادة والشرع مفصل على قياس القائمين عليه دون ضوابط أو محاسبة.

فتاة في العقد الثاني من العمر تعرضت لشتى أنواع القهر والتعذيب على يد والدها. شادية ابنة ريف جسر الشغور واحدة من آلاف الفتيات المعنفات أسرياً وإحدى ضحايا تلك الجريمة النكراء بحق الفتيات بشكل خاص.

في زيارة خاصة لإحدى دور الرعاية النفسية والجسدية لتلك الحالات في مدينة الدانا في ريف إدلب الشمالي؛ التقينا بـ “شادية” والتي حدثتنا عن قصتها وما حصل معها قبل أن تأتي الى دار الرعاية فقالت “أنا من ريف جسر الشغور من أسرة ميسورة نوعاً ما. طلّق أبي والدتي حين كان عمري سنة وتربيت تحت رعاية زوجة أبي لم أشعر بحنانها يوماً، ومنذ نشأتي ووعيي على هذا الدنيا وأنا شبه يتيمة والدي لا يكترث لشكواي وخالتي هي من تتحكم بشؤون المنزل تعاملني كـ “جارية” دون رحمة أو شفقة ودون أي اعتراض من والدي.  يشتمونني دائما لأصغر سبب أمام أخوتي الستة”.

وتضيف “عانيت ما عانيت من ظلم وقهر وتمييز وحرمان حتى بلغت العشرون عاماً. تقدم لخطبتي شاب من عمري وغيره الكثير إلا أن خالتي ووالدي كان دائما يرفضون دون عذر، إلى حين تقدم لي شاب في العقد الرابع من العمر من قرية قريبة من قريتنا ويدعى فواز، اللافت للنظر أن والدي وافق دون تردد ودون أن يسألني فاستغربت من موافقته”.

وتابعت شادية حديثها “علمت من زوجة أبي أنه يملك المال ومتزوج من امرأتين هذه المعلومة كانت كفيلة بكسري لحاجز الخوف، فصرخت بأبي أنني أرفض هذا الرجل وما كان منه إلا أن ضربني، مستخدماً سلكاً معدنياً ووجه لي كلمات نابية لا تقال من أب لابنته، جسدي لم يحتمل ضربه الوحشي وتركوني مرمية دون أن يسعفوني”.

وبعبرة خنقتها قالت “كنت سأحتمل الضرب واحتمل “الضراير”، هذا الرجل كان يزورني بحجة أنه خطيبي، وبمبرر عن حالتي الصحية من أبي إنني وقعت من الدرج. في كل مرة يزورني يعطين من سيجاره التي يدخنها حتى أصبحت أدمن زياراته، وأصبحت بحاجة تلك السيجارة في كل مرة أكثر من السابقة، كانت تخفف علي ما أعانيه حتى أنها كانت سبب موافقتي للزواج منه في سبيل عدم منعي مما يدخنه؛ كان سبيلي للهروب من واقعي؛ ليتني لم أقبل بضيافته فقد كان هذا الرجل تاجر ومتعاطِ مخدرات وحشيش هو وزوجاته اللاتي سبقنني فيه”.

وكما وصفته “فواز كان صاحب (كيف) يحب البسط والسهر والنساء لا يهمه إذا أقدم أحد زبائنه على التحرش بـ نسائه، فـ الأمر طبيعي عنده لأن من يروج ويتعاطى يجرد من أخلاقه وشرفه لا يهمه أي شيء سوى نفسه وجمع المال، كان غنياً جداً ويتظاهر بالتدين وفعل الخير أمام الناس والكل يحترمه ليس لشخصه إنما لسخاء يده وفعله للخير، وعندما يسأله أحد من أين لك هذا؟؛ يقول من تجارة الآثار. وهو بالأصل من تجارة حبوب الكبتاغون والحشيش المستورد من مناطق الحدود السورية اللبنانية، وتحديداً من شخص لبناني يدعى الشيخ عمار”.

مضيفةً “كان في كل عقاب إذا ما أراد معاقبة نسائه يقطع عليهم الحبوب أو الحشيش لتعود صاغرة ذليلة تحت أمره، إلى أن ضاقت بي الدنيا ومللت حياة العبودية مرة أخرى، فقررت الهروب بالقليل من كرامتي .اتصلت بصديقة لي اسمها “فريال” من جسر الشغور، طلبت منها المساعدة فوافقت فهربت لعندها وبعد مبيتي عندها وبعد مشاورتها اقترحت عليّ المصح النفسي في مدينة الدانا، فوافقت فوراً لأنني لن أقدر على ترك المخدرات بدافع شخصي أو إرادة منفردة، وبالفعل جئت إلى المصح لأتلقى العلاج وأحاول نسيان ما مررت به عبر رحلتي الطويلة مع الألم.

الدكتورة فرح مديرة المصح أكدت لنا وجود عدد كبير من تلك الحالات في المجتمع، وهذا العدد في تفاقم مستمر والسبب الغياب التام لأي رقابة أو قوانين تجرم العنف الأسري أو تضع له حد، وأن تعاطي المخدرات ما هو إلا وسيلة للهروب من الواقع المرير الذي يمر به بعض من هم مثل حالة شادية.