لكل السوريين

الرحى … طاحونة منزلية أعانت المرأة الفراتية

عانى أهالي الجزيرة السورية كثيراً من التهميش وعدم توفر البنى التحتية لعقود، باعتبار أنهم يقطنون في قرى متباعدة، وقلة في وسائل النقل، فكان على أهالي القرى مجابهة ذلك بصناعة أدوات بسيطة تساعدهم في قضاء حاجاتهم دون تحمل عناء السفر للمدن، ومن بين هذه الأدوات “الرحى”.

ولمعرفة أهمية الرحى في المنطقة وكيف تنظر لها النسوة أجرت صحيفة السوري اللقاء التالي؛ مع مريفة الأحمد، فقالت؛ أن الرحى تعتبر من الأدوات القديمةٌ، مشكلة على شكل دوائر فوق بعضها ومؤلفة من حجرين مستديرين، يصل بينهما قطعة من الخشب، تتمركز في وسطها وهي متصلة بالحجر الثابت بينما الثانية متحركة بالمحور الذي تدور حوله.

ووصفت لنا أجزاء الرحى، حجرين مستديرين بقطر حوالي 50 سم، يكون الحجر السفلي منهما ثابتاً وغير متحركاً، وفيه ثقباً في وسطه يثبت فيه محوراً خشبياً لوضع الحجر الأخرى في مركزه، ويسمى محور الرحى، أما الحجر العلوي فهو الجزء المتحرك الذي تمركز حول محور الحجر السفلي.

وعن ألية عمل الرحى قالت “مريفة”؛ عند وضع كمية القمح المراد طحنها حول المحور تحرك الحجر العلوية من خلال قطعة خشب ثبتت في ثقب يقع في الحجر العلوي، لتدور بتحريك الحجر العلوي حول محورها، وأحياناً تلف عليها قطعة من القماش حتى لا تؤذي اليد.

وأكدت الأحمد أن المرأة الريفية كانت بشكل يومي تؤمن الكمية المطلوبة من طحين الخبز، بينما تعتبر الرحى من أكثر الأدوات المنزلية قيمة، في حين تعتبر النسوة تجمعهن حولها إرثاً أسرياً واجتماعياً وتقوم النسوة بجرش الحبوب بالتناوب، وبينما يعلمن النسوة في طحن الحبوب يقمن بترديد بعض الأهازيج المتنوعة والمختلفة.

وأشارت مريفة أن النسوة يتحدثن عن الرحى كأداة موسيقية تعزف لهن وتلهمهن للغناء فللرحى أصوات عدة ترتبط بنغمات مختلفة تتناغم مع حركتها وسرعتها فمن تلك الأصوات، الهرير وهو صوت الرحى الذي يبدو عند بدء الدوران ومعه تبدأ المرأة بالشعر، أما الهزير فهو صوت الرحى عندما تسرع في الدوران، والكركرة وهو صوت الرحى عندما تبدأ بجرش الحب وطحنه.

أما السحيف فهو صوت الرحى بعد أن تطحن الحبوب، وأما الحفيف فهو صوت الرحى وهي تطحن الحبوب ببطء، وأما الجعجعة صوت الرحى وهي تطحن الحبوب بسرعة عالية، ويرتبط تحديد نوع الحبوب المراد جرشها والتحكم بمدى خشونتها أو نعومتها بما ينتاسب مع الطعام حيث يتم جرش الحب لتقشيره أو لصنع الرغل الخشن أو الناعم بالإضافة لطحن الدقيق لصنع الخبز.

واختتمت مريفة أن هناك من يعتبر الرحى أصبحت من التحف والكنوز التي أصبحت من التراث العربي القديم، حيث تم الاستغناء عنها مع صنع الآلات الضخمة والمطاحن الكهربائية التي توفر كميات هائلة من مادة الطحين دون عناء في حين اختفت الرحى تدريجياً فأصبح وجودها نادراً وقليلاً، في حين يستخدمها لغرض الزينة أو يركنها في إحدى غرف المؤنة بعد ان كانت ملتقى للنساء والفتيات في البيت والأسرة.

تقرير/ ماهر زكريا