لكل السوريين

متى يصل عواهم لقبرص يا هملالي؟

بلغت كارثة بيروتشيما -انفجارا كانت أم تفجيرا- من الشدة التي وصل فيها عويلها إلى قبرص. أبكتنا صور ما خلفه ثالث انفجار في العالم بعد القنبلتين النوويتين اللتين ألقتهما الولايات المتحدة على الإمبراطورية اليابانية لإرغامها على الاستسلام وبالتالي وضع نهاية للحرب العالمية الثانية.

أقول أبكتنا بعد أن أضحكتنا رائعة “ضيعة ضايعة” المسلسل السوري الكوميدي قبل اندلاع الحرب السورية أو “الحرب على سوريا” كما يصر فريق على تسميتها. مقولة “الهملالي” -هذه الشخصية المفرطة في بساطتها وحزمها- التي توعّدت من يخالف القانون أو يخون شرف “السلك” بالعقاب الصارم الذي يصل فيه “عواهم لقبرص”. الجريمة كانت تهريب الدخان لأم الطنافس الفوقا!،

فمتى يصدق الهملالي في نسخته اللبنانية وعده ووعيده؟ مع احترامنا للكل وبعيدا عن شعار “كلن”، هذه كارثة لا تحتمل خلط الأوراق ولا تصفية الحسابات ولا السفسطة ولا حكايا التكايا التي لا تعرفها السرايا عن القرايا، فقد خربت مالطا ومن بعدها البصرة واستبيحت سوريا الكبرى ولبنان الكبير والهلال الخصيب عن بكرة أبيه بما فيها نجمته قبرص التي لم تسلم من الغزو والتقسيم التركي ما بين سقوط عثمانية وقيام أخرى أكثر قبحا.

ودفعا للشبهات، “عواهم” هذه لا تعود للكلاب حاشا الله، فقدرها أكبر لما فيها من برّ وشهامة ووفاء وفداء. العواء هنا يعود للذئاب الخاطفة ذئاب الحملان التي تسلخها وتتخذها لبوسا لافتراس المزيد. ثلاثة أسابيع تفصلنا عن المئوية الأولى لاستقلال لبنان عن فرنسا أرادها الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون موعدا لانقضاء مهلة يساعد فيها اللبنانيون أنفسهم حتى يساعدهم العالم كله. والمطلوب ليس أسطوانة الإصلاحات المشروخة التي طال تسويفها وتسفيهها، وإنما “عقد اجتماعي” يتم من خلاله قيام لبنان جديد فيه دولة ترد الاعتبار لوطن طال اختطافه وتم تفخيخه وتفكيكه وبيعه بالمفرّق والجملة.

ولعله القدر أكثر اقتدارا من القوى المسؤولة عما يعانيه لبنان وسواه من “بلاد العرب أوطاني” وبلاد الأمم السليبة فيها وفي جوارها المبارك، لعله يردّ إلى “الشرق الصبا” فتنهش تلك الذئاب بعضها بعضا قبل أن تتلقى حسابها من “هملالي” وطني أو خارجي، فيصل عواهم لقبرص!

هذه فرصة تاريخية لتفادي بيروتشيما في نسخ شرق أوسطية أخرى، فالعلة واحدة ولا فارق كبير في الأعراض لا من حيث أشكالها ولا حدتها. العاقل من يسارع في رد الهيبة للدولة. والدولة حتى تكون كفؤة لا بد أن تكون عادلة، عدالة تحتكم فقط إلى الدستور ويسود فيها القانون. ولا خير فيهما ما لم يحفظا كرامة الإنسان بصرف النظر عن عرقه ودينه وجنسه. حينها تكون موارد الدولة للجميع يحميها جيش لا ميليشيات ولا مافيات فيها مرافئ ومطارات ومعابر ومنافذ حدودية قانونية تعمل وفق معايير السلامة العامة أولا وآخرا وإلا تنافست ضباع البراري مع ذئاب الوادي وصرنا فرجة للعالم كله وليس قبرص وحدها!

الكاتب: بشار جرار

المصدر: اليوم