طرطوس/ أ ـ ن
كثرت طلبات الاستقالات من مختلف القطاعات، ففي طرطوس خلال ستة أشهر وصل عدد الاستقالات خلال النصف الأول من العام إلى نحو1200استقالة، لأسباب معروفة للجميع في مقدمتها تدني الرواتب التي لم تعد تغطي نفقات المواصلات، والبحث عن فرص عمل بديلة، وعلى المقلب الآخر على مدى سنوات الازمة كان القطاع العام مترديا في العمل والإنتاج، وكان المطلوب إجراءات حقيقية لتحسين واقع هذا القطاع، من خلال إجراءات يفترض اتخاذها، وفي مقدمتها تحسين الرواتب الهزيلة ومكافحة الفساد.
وان مسحا للواقع في مختلف القطاعات نشهد نقصا هنا وترميما هناك ريثما تستقيم الأمور، على سبيل المثال وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أول معوقات العمل لديها هو النقص بعدد المراقبين وعناصر التموين على أهمية هؤلاء العناصر، مثلاً أعداد محدودة تراقب في شتى المناطق، وفي المستشفيات نقص الأطباء والكادر التمريضي، وفي قطاع التعليم نقص المدرسين.. إلخ، وهذا وحده مؤشر على نقص الكادر الإداري في مختلف المنشآت إدارية واقتصادية وخدمية، الأمر الذي انعكس ليس على الكادر الموجود سواء بضغط العمل من خلال إنجاز العمل بكادر متواضع أو حتى الدوام والمناوبة لأيام متواصلة، بل على ضبط العمل وإنجازه كما هو مطلوب، يشار الى انه تم رفض جميع طلبات الاستقالة المقدمة للجامعة بطرطوس باستثناء الاستقالات المبررة صحيا، أو بسبب نهاية الخدمة، رغم أنه يوجد نقص كبير بالكادر التدريسي والجامعة بصدد إعلان مسابقة عن تعيين أعضاء الهيئة التدريسية، وكذلك فنيين ومعيدين.
فيما يتعلق بالكادر الإداري كذلك يعاني من نقص حاد في جميع الفئات، ويتم ترميم النقص من خلال قبول جميع المتقدمين بطلبات نقل من الوزارات الأخرى، إن المسابقة المركزية رفدت الجامعة بـ 15موظفا فقط لكن في حقيقة الأمر الاحتياج الفعلي كبير جدا أكثر من ثمانية موظفين في القسم الواحد، ولاسيما في قسمي الامتحانات والشؤون الإدارية، حيث يوجد في كل قسم موظفان اثنان فقط، وتنتج عن هذا أعباء كبيرة يتحملها الموظف، خاصة أن العمل يحتاج إلى دقة وتركيز.
وصل عدد الاستقالات في طرطوس خلال ستة أشهر لنحو 1200 استقالة تتضمن حالات (استقالة أو وفاة أو نقل) لعامل وعاملة أغلبيتهم من القطاع العام، وان أغلبيتهم من المصارف والقطاعين الصحي والخدمي، وهم من الشرائح التي تتطلب ظروف عملهم الالتزام بالدوام وهذا ما يجبر كثيرين على التقدم باستقالاتهم.
ولا يخفى على أحد الظروف المعيشية الضاغطة والهم اليومي لتأمين أدنى متطلبات الحياة حيث تأتي في مقدمة الأسباب التي تدفع ذوي الدخل المحدود إلى التخلي عن وظائفهم، حيث أن الشغل الشاغل لأغلبية الناس خاصة ذوي الدخل المحدود هو السعي لإيجاد مصدر دخل إضافي لهم ولأسرهم منها عن طريق الاستقالات والبحث عن فرصة عمل إضافية تزيد في دخلهم.
من المؤكد أن الاستقالة هي حق كفله قانون العاملين للعامل، وكان لا بد من اتخاذ المزيد من الإجراءات، أولها تحسين الوضع المعيشي وزيادة الرواتب، وضبط الأسعار وهذه يمكن تحقيقها من خلال السيطرة على الأسواق.
من الملاحظ أن عدد طلبات الاستقالة في الجهات العامة ازداد بشكل كبير في الآونة الأخيرة، لكن بالمجمل الوضع المعيشي السيئ أرغم الكثيرين على التقدم باستقالاتهم لإيجاد مصادر عمل إضافية، علما أن بعض الوزارات عملت على منع أو عدم الموافقة على الاستقالات، رغم أن الراتب لا يغطي أجور المواصلات لاسيما في المناطق والأرياف التي تتطلب ظروف سكنها الذهاب يوميا إلى عملها.
أن أسباب الاستقالات معروفة في مقدمتها الفساد، والمتابع يلحظ أن الجهات المسؤولة عن مكافحة الفساد والرقابة لم تقم بدورها، والأكثر خطورة انتشار الفساد واختراقه منظومة التنشئة، إضافة للأسباب الرئيسة للفساد التي في مقدمتها تدني الرواتب وتطبيق القوانين والتبليغ عن حالات الفساد، وظروف الحرب التي ساعدت، والمطلوب سن قوانين أكثر شدة لمكافحة الفساد، وإنشاء منظومة قضائية للإبلاغ عن الفساد بشكل متجانس ،واختيار شاغلي المناصب والإدارات على أساس الكفاءات.