لكل السوريين

هل نشهد تقلبات بأسعار بورصة الأدوية مستقبلاً؟

تقرير/ بسام الحمد

مع كل قفزة في سعر الصرف يرافقها ارتفاع في أسعار الأدوية في وسط سوريا والبلاد عموماً، يبدو الأمر كما لو أن الأدوية أصبحت بالفعل عبارة عن بورصة تتعلق بتقلبات أسعار الصرف، وحجج الشركات المصنّعة بزيادة تكاليف الإنتاج من استيراد المواد الأولية إلى زيادة أسعار حوامل الطاقة من وقت لآخر.

بمجرد أن تجاوز سعر الليرة السورية حاجز 10 آلاف أمام الدولار، ووصول الليرة وفق تداولات اليوم لأكثر من 12 ألفا، بدأت الأخبار تتداول أن المعنيين بالصحة بدؤوا بدراسة زيادة أسعار الأدوية المصنّعة محليا، الأمر الذي لم يتم نفيه من قِبل نقابة الأطباء في سوريا، بل أكدت ذلك ونسبته لمنعه من الانقطاع عن السوق.

يبرّر مسؤولون في وزارة الصحة السورية سبب رفع الأدوية لاحتواء تركيبتها على مواد مستوردة من الخارج، وأن الظروف الاقتصادية تطغى على سعر الصرف مما يؤثر سلبا على أسعار معظم المواد المستوردة. ومن الممكن أن تكون هناك زيادة بنسبة 40 بالمئة على بعض الأصناف، والبعض الآخر تكون الزيادة على أسعارها بنسبة 10 بالمئة.

يقول مسؤولون أن الصحة تدرس رفع أسعار الأدوية بحيث لا يكون هناك إرهاق للمواطنين فيما يتعلّق تأمين هذه الأدوية وخصوصا بعد ارتفاع سعر الصرف أمام الليرة، وكشفوا أن هناك تقنينا في بيع بعض الأدوية من المعامل للمستودعات ومن ثم للصيدليات حتى لا ينفد مخزون تلك المعامل بسرعة وبالتالي هذا يؤدي إلى أزمة دوائية.

وهناك أزمة في توفير بعض أنواع الأدوية في سوريا عموماً، يصاحب ذلك تسعيرة جديدة بعد توفره لاحقا، ودائما ما يتحجج أصحاب مصانع الأدوية أو يهددون إما بوقف تصنيع الدواء أو رفع سعره وفقا لمتغيرات سعر الصرف، فضلا عن ترك مساحة لأرباحهم، وطبعا وزارة الصحة لا تحرّك ساكنا حيال ذلك، وكالعادة الضريبة تُدفع من جيب المواطن الذي يعاني الأمرّين كل يوم في مواجهة ارتفاع الأسعار.

فيما يرى مسؤولون صيادلة ضرورة أن يكون هناك تمويل كامل من القطع الأجنبي للمعامل من “المركزي السوري” لاستيراد المنتجات التي تدخل في صناعة الأدوية حتى لا تكون هناك فوارق في الأسعار باعتبار أن المواد الأولية التي تدخل في صناعة الأدوية يتم استيرادها بالكامل، وبالتالي يكون تسعير الأدوية وفق منظومة التسعير لدى الوزارة ولا يكون هناك اختراق لهذه التسعيرة بحجة ارتفاع تكاليف استيراد المواد الأولية الداخلة في إنتاج الأدوية.

ارتفاع أسعار الأدوية في حمص وحماة خاصة وسوريا عموماً شبه دوري وعلى فترات متقاربة، وذلك وفق تقلبات سعر الصرف الذي يستمر في الصعود بين الحين والآخر، فمنذ عام 2021 ارتفع سعر الأدوية بنسبة تصل إلى 500 بالمئة، أي بنحو خمسة أضعاف عن أسعارها السابقة.

في شهر شباط 2021، أعلنت “وزارة الصحة” رفع أسعار الدواء المعتمدة لديها بنسبة 30 بالمئة، وبررت ذلك بأن هذه الخطوة جاءت لتغطية الكلفة التشغيلية للأصناف الدوائية ولتوفير الضروري منها في الأسواق المحلية.

وبعد مرور ما يقارب العشرة أشهر من هذه الزيادة، عادت أسعار الأدوية للارتفاع في ظل انقطاع أصناف كثيرة منها، وأعلنت مديرية الشؤون الصيدلانية التابعة لـ”وزارة الصحة” أواخر العام الماضي، رفع أسعار مجموعة من الأدوية بنسب مختلفة، وصلت إلى نحو 30 بالمئة. وكانت الليرة السورية آنذاك مقابل الدولار الأميركي تساوي نحو 6 آلاف ليرة سورية.

مطلع العام الجاري، رفعت الجهات المعنية، أسعار معظم أنواع الزمر الدوائية، بنسب مختلفة، وذلك بعد أشهر على فقدانها من الصيدليات بضغط من معامل الأدوية. ووفق “وزارة الصحة” جاء رفع الأسعار بناءً على ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة، وارتفاع تكاليف حوامل الطاقة من جهة ثانية.

عادة ما يجري رفع أسعار الأدوية استجابة لمطالب معامل إنتاجها، وذلك بذريعة تأمين استمرار توفرها وعدم انقطاعها عن الصيدليات، وسط ارتفاع تكاليف إنتاجها نتيجة تهاوي الليرة السورية أمام النقد الأجنبي، وتعرّض أصحاب المعامل لخسارات مالية، وفق زعمهم.

بالتالي، فقد أصبحت أسعار الأدوية بالفعل بورصة مرتبطة بتذبذبات سعر الصرف، فكلما ارتفعت أسعار الأخيرة، ارتفعت أسعار الأدوية تلقائيا معها، ورغم استحالة انخفاض سعر الصرف، تظل أسعار الأدوية كما هي، بحجة شراء المواد الخامة والتي تم إنتاجها في أوقات ذروة ارتفاع الدولار.

إضافة لارتفاع أسعار الدواء، تشهد أجور الأطباء ارتفاعا كبيرا، وذريعة ذلك هو ارتفاع أسعار المواد ضمن عياداتهم، علما بأن “وزارة الصحة” لم تُصدر أي تسعيرة رسمية تحدد أجور الأطباء منذ أكثر من 12 عاما.